Friday, November 28, 2014

احترم ذاتي أتقبل نقدك // أم حسين

 

تنقلتُ كثيرًا بين قاعات الدراسة كمحاضرة.. تصفحتُ فيها وجوه مختلفة تنوعت بداخلها الشخصيات بين براءة الطفولة وتهور الشباب وسعة صدر الآباء والأمهات.. لمحتُ بينها أنفس تألقت بالمرح والتفاؤل فكانت مضيئة كالنجوم على الرغم من كل الظلام الذي يحيطها، فقضاء ساعة مع كفيف تهبك نظرة أخرى إلى الحياة.
 
كل تلك السنوات والمحاضرات والشخصيات أعطتني الخبرة الكافية في مجال عملي، فتأهلت لأشارك مع زميلتين مسئولية دورة جديدة. بدأت الدورة، انقضى الشهر الأول تم استدعاء مدربة متخصصة لتقييمنا، شعرت إحدى زميلاتي بضيق، لم تصرح لي هي بذلك ولكنني استشعرته لكثرة أسئلتها عن الهدف من التقييم وأهلية المدربة ووو.
 
حضرت المدربة محاضرة لكل واحدة منا، تم التقييم، عقد اجتماع لأعلامنا بالنتيجة، استغرق الاجتماع ساعة أمضينا 45 دقيقة منه نستمع إلى تبريرات زميلتي ذاتها لكل انتقاد سلبي يوجه إليها، حتى ارتفع صوتها في محاولات مستميتة لإقناع المدربة ومن معها بما تعتقد، وانتهى الاجتماع بانطباع سيء جدًا عن تقبلها للنقد جر خلفه تقييم آخر لشخصيتها ودوافعها لهذا الهجوم.
 
بعد أن هدأت فاجأتني بسؤال:
 
كيف استطعتِ تقبل النقد الذي وجه إليك؟
 
فكانت إجابتي عفوية: (أنها مجرد كلمات أخذتُ منها ما يفيدني للتقدم والتطور ولذلك استحقت الشكر والامتنان مني).
 
تأسفتُ كثيرًا وتمنيت لو أنني تريثتُ في إجابتي والتي قد تكون في مقام النقد لحالتها الشعورية إزاء ما حدث ولكن بشكل غير مباشر. صادف في ذات اليوم مساءً استماعي إلى محاضرة السيد محمد العلوي على قناة المعارف استوقفتني جملة مرتبطة بما حدث نهارًا وهي:
 
(ليس هناك نقد بناء ونقد هادم فكل النقد بناء ولكن ما يحدث أننا لا نستطيع أن نفصل بين نقد الفكرة والشخص).
 
شدني أسفي لكل ما حدث نهارًا وكلام السيد العلوي إلى البحث عن عملية النقد بشكل أعمق..
 
فوجدت أن الخلط بين الشخص والفكرة، والشخص والموقف عنوان رئيسي تتشعب منه أمورًا كثيرة تشترك في خلق حالة عدم تقبل النقد.
 
أسلوب النقد، بيئة النقد، الهدف من النقد، خلفية العلاقة التي تربط الطرفين، جميع تلك الأمور تؤثر على النقد بشكل مباشر. فحتى لو أننا استطعنا الفصل بين الفكرة والشخص فإننا نحتاج إلى توجيه ودفع عواطفنا وتفكيرنا إلى الجانب الإيجابي دائمًا، فما النقد إلا عملية اتصال نحتاج فيها إلى التحرر من تأثير تلك العوامل لجعلها عملية اتصال فاعلة.
 
قام أحد المراكز النفسية بتوزيع استبيان كان الغرض منه دراسة الأسباب النفسية التي تؤدي إلى خلق حالة عدم تقبل النقد، ومن أهم الأسئلة:
 
- لماذا تجد صعوبة في تقبل النقد؟
 
فكانت الإجابات:
1- لأنني أشعر أن النقد شيء سلبي.
2- لأنني أشعر أن النقد يعني أنني ارتكبت خطئًا ما ويجب على أن أتغير.
3- لأنني أشعر بأنني لست جيدًا كما أرى نفسي.
4- إنه يظهر عيوبي.
5- إنه يعني أنني لا أقوم بعملي جيدًا.
 
الإجابات كلها تؤكد على ارتباط النقد بالذات بشكل مباشر ومن الطبيعي أن تتولد حالة الرفض في ظل تحقق كل ما تم ذكره في عملية النقد.
 
ومهما رفضناه لن يتوقف فهو عملية مستمرة ولن يوقفها مستوانا الثقافي أو العلمي وسنتعرض له شئنا أم أبينا فنحن بين خيارين: الاستمرار في حالة الرفض والتأثير على ذاتنا أو إيجاد حالة من الألفة بين أنفسنا والنقد.
 
لخلق تلك الألفة يقول علماء النفس علينا استبدال تلك المشاعر السلبية بنقيضها الإيجابية وتعزيز وجهة النظر للنقد عبر عدة خطوات:
 
1- كتابة عبارة إيجابية عن النقد وجعلها أمام عينيك في العمل والبيت مثال:
(لأطور عملي وأطور نفسي عليّ أن أستفيد من خبرات الآخرين من خلال تقبل النقد).
(النقد عبارة عن معلومات يمكن أن تساعدني على تطوير أدائي).
(النقد عبارة عن تعلم مهارات ومعارف جديدة)
 
2- حث الآخرين على تقديم مقترحاتهم إزاء أي عمل تقوم به.
وبما أن عملية النقد عملية اتصالية فأدوارها متقلبة فكما قد تتعرض للنقد قد تكون ناقدًا أيضًا.
 
كناقد تحتاج إلى وضع خطة تتبعها اسأل نفسك قبل أن تنتقد أحدهم:
1- ما الذي أريد ايصاله للآخرين بالضبط؟
2- ما الذي أريد تغييره؟
3- ما دوافعي لإظهار النقد؟ واحذر النقد للانتقام.
4- ما الحلول والأهداف والاقتراحات التي يمكن أن أعرضها؟
5- كيف أساعد الطرف الآخر على التطور وتجاوز السلبيات؟
 
احرص أن يكون نقدك بعيدًا عن المساس بشخصية الآخر أو كرامته.. انتقي كلماتك ووقتك وانتبه كثيرًا للغة جسدك.. ابدأ بالإيجابيات وذيل السلبيات بطرق علاجها.. وتجنب المقارنات التي تحط من قدره لذاته.. وتجنب أن تضع النقد في قالب الصح والخطأ.
 
ختامًا تذكّر بأن ما ستقوله سيؤثر في احترام الإنسان لذاته فعزز احترامه لنفسه وذاته بعكس صورته بطريقة إيجابية.
 
 
29 نوفمبر 2014

No comments:

Post a Comment