Friday, February 6, 2015

كوني أُنثى// أم حسين

 
 
لأنَّها امرأةٌ.. لأنَّها أنثى..
 
تفنَّنت ريشة المِفَنِّ الإيطالي  المشهور ليوناردو دافنشي فأبدعتْ لوحةً اعتُبِرتْ من أروع اللوحات على مر التاريخ؛ جسَّد فيها تقاطيع  وجه امرأة تدعى موناليزا، وقد أخذت من سنين التاريخ مسحة من سبعٍ حتى تكتمل في ملامحها النهائية (منذ عام 1503 إلى عام 1510مـ).
 
نظرتها الغامضة.. ابتسامتها الساحرة..
أصبحت محطَّ اهتمام الكثير من الدراسات، وسببًا في اشتهارها على مر التاريخ.
 
إنَّه جمال المرأة الأنثوي.. إنَّه الأسطورة التاريخية التي تغنَّى بها الكثير من الشعراء، وتفنَّن برسمها ونحتها الفنَّانون، ولطالما كانت ملهمةً للروائيين.
 
يُعرَّفُ الجمال بأنَّه «صفة تلحظ في الأشياء فتبعث في النفس سرورًا ورضًا»
 
والجمال الأنثوي له مقاييس خاصة عرفها الشاعر امرئ القيس بقوله:
مهفهفة بيضاء غير مفاضة
ترائبها مصقولة كالسجنجل
 
وصفٌ جماليٌّ عام يقدِّمه امرئ القيس..
"امرأة دقيقة الخصر ضامرة البطن غير عظيمة البطن ولا مسترخية، وصدرها برَّاق اللون متلألئ الصفاء كتلألؤ المرآة" (1)
 
إنَّه من الطبيعيِّ إذن، أن تنمو مشاعر الاهتمام بالمظهر الخارجي لدى الفتاة بالتزامن مع بلوغها وتغير ملامح جسمها، فيتولَّد شغفٌ يدفعها للوقوف أوقات طويلة أمام المرآة، تتجمَّل معجبةً بنفسها وبجمالها الذي بدأ بالتشكُّل والبروز، وهكذا تبدأ الأحلام والأماني بالانتشار في مخيلتها، فتمضي سنوات مراهقتها تخطُّ حروفَ الجمال، وكيف تكون أكثر جمالًا، بل (الأجمل)؟!
 
تغير تارةً تسريحة شعرها، فتأتي مساحيق التجميل لتأخذ محلَّها في هذه المرحلة الجديدة، ثمَّ شراء الملابس، وقد تكون تلك (...)..
 
لم تكن أمِّي تسمح لي بوضع مساحيق التجميل، ولكن شغفي كان كبيرًا، فكنتُ أستغل دخولي للحمام فأحمل معي علبة الألوان المائية، ثمَّ أقفل الباب وتبدأ المتعة الحقيقيَّة  بمزج الألوان على وجهي..
لحظات جميلة سرعان ما تنتهي بطرق الباب!!
 
هذا الولع بإبراز الفتاة مواطن جمالها، يسكن داخلها بقوَّة يصعب إنكارها، ولذلك تراها لا تفوِّت فرصة واحدة لصقلها، وتحاول جاهدةً للمحافظة عليها.
 
هنا موقف..
تقدم العمر بعمَّتي ولم تسعفها قوتها في ذلك الحين على الاهتمام بمظهرها، فكانت لا تطيق النظر إلى المرآة، وعادة ما تردد: "لا أحبُّ أن أرى وجهي في المرآة، فأنا أرى امرأة أخرى)!
 
كانت تغضب عندما ترى إحدى فتيات العائلة غير مرتَّبة ومتزيِّنة، فكُنَّا نحرص على ذلك عند زيارتها تجنُّبًا للتوبيخ.
 
حقَّ لي أن أستغرب، ولغيري أيضًا..
 
لماذا نرى نساء لا يبدين اهتمامًا بما وهبهن الله تعالى من نِعم؟
ألا يعلمن بأنَّ الأنوثة نعمة من أعظم النِعم؟
 
للأسف، نرى خمولًا عند بعضهن، وبحسب تصوري هو نتيجة لربط خاطئ بين طبيعة الاهتمام من المرأة بأنوثتها وبين الزواج، ولذلك نلحظ بعض النساء بعد مرور سنوات قليلة من الزواج وقد نسيِنَ أنفسهنَّ، فيكون كلُّ شيءٍ مقدَّمًا عدا نعمة الأنوثة!
 
(مشغولة، تعبانه، ماليي مزاج، كبرنا على هسوالف) ومن رحم هذه المبررات الواهية تولد امرأة بمظهر آخر لا شبه بينها وبين تلك الفتاة الجميلة.
 
فذاك الخصر الجميل أصبح في خبر كان، واختفى مع الكان شعرٌ مسدول، وتلاشى بريق العيون، وشحبت الوجنات..
 
يقول أحد الأزواج: "إنَّه لا يريد من زوجته أن تكون نجمة تلفزيون، لكنَّه يريد منها أن تهتمَّ بمظهرها تمامًا كما تهتم بطعامها وشرابها وباقي شؤون بيتها"..
 
ويسرد أخر معاناته: "إنَّه يراها في اليوم ساعة واحدة، بحكم عمله، وفي هذه الساعة تسرد له تفاصيل يومها والمشاكل التي واجهتها ولا يجد متَّسعًا من الوقت للحديث معها في أموره الشخصية التي يعتبرها الأهم من شكلها وجمالها"
 
تجمَّلي لنفسكِ أولاً، ولزوجك ثانيًا، ولحياتك ثالثًا، وابحثي بداخلك عن تلك الفتاة ذات الشغف الذي يدعمها بالقوَّة لتقف أوقات طويلة أمام المرآة لتتجمل، وعندَّما تجدينه حافظي عليه، وأضيفي احترامكِ لزوجك، فعدمه تقليل لشأنك وليس شأنه..
 
اختاري الوقت المناسب للحديث معه، لا تنغِّصي عليه يومه بكثرة الشكوى والتذمر، واحذري الإثقال عليه بالمبالغة في احتياجات المنزل..
 
استقبليه بابتسامة و(قبلة)..
دلِّليه كطفل صغير، واحتويه بالاستماع إلى مكنونات صدره، واحتضنيه  كما أمِّه.
أولم تكن سيِّدتنا الزهراء أمَّ أبيها!!؟
 
لا تقبلي أبدًا بغير التميُّز في عينيِّ فارسكِ..
كوني أميرته الجميلة، وإلا سيبحث عن الجمال عند غيرك، فالنفس تصبو دائمًا للأجمل، ولن تهدأ نفسه، وسيبحث عنه في الشارع، المجلات، العمل وكلِّ مكان حتى يجده، فالجمال والرشاقة والأناقة عنوان لا ينبغي الاستهانة به.
 
فكوني أُنثاه دائمًا..
 
أما (أنت) فلي معك وقفة أخرى..
 
 
7 فبراير 2015
_______________________________________________
(1) من شرح معلقة امرئ القيس

No comments:

Post a Comment