Friday, February 13, 2015

ليس أنا أنت، ولست أنت أنا // أم علي

 
 
نُلام كثيرًا على صمتنا بين ضجيج فضول الكلام، فنحن نكتفي فيه بكلمات بسيطة، تحكي مشاعرنا، ووجهات نظرنا، أو رُبَّما حركة عفوية تُترجِمُ أحاسيسنا.
 
نستطيع أن نتحدث ونُكثِر الكلام والنقاش لإثبات رأينا ورُبَّما إثبات صوتنا..
رُبَّما يكونُ ذلك وفقط.
 
ومع هذا نلتزم الصمتَ خوفًا من مضايقة الغير، أو التسرع في الحكم عليهم، أو من باب احترام رأي الغير..
فهذا الغير.. ليس أنا.
 
ليس التغافل غفلة، وليس التجاهل جهل، قد نُغمِضُ العين عن أخطاء غيرنا، ليس لكمالنا، ولكن على أمل أنْ يكون صمتنا، مؤدِّبًا لنا، ولغيرنا.
 
ورُبَّما كان الصمتُ سيفًا مداويًا لتمادي الآخر في إزعاجه.. طيشه.. استهتاره بمشاعر الغير..
 
لذلك، قليلُ الكلامِ يغني عن كثيره، بل قد يكون قليله كثيرًا..
ومن هنا نحتاج إلى الوقوف على إنَّ التجاهل لا يعني دائمًا (التسفيه)، ولكنَّه أحيانًا صيانةٌ للنفس وحماية لها من الوقوع في حبائل السوء وشِراك السقوط!
 
قد نصمتُ لوقت، وسوف يأتي بعد حين وقتُ الكلام، ولكنَّ الخوفَ أنْ يكون الكلام حينها بصوت مرتفع يُخفِّفُ من حِدَّة غضبٍ يريد (البعض) حشرنا فيها، والصراخ حينها وسيلة لإثبات الوجود!
 
لذلك احترمْ صمتي، قبل أنْ تُستصرخ مشاعري وبوضوح تقول:
 
"ليس أنا أنت، ولست أنت أنا"
 
هذه القاعدة لو اتُّبِعَت، لاتّقَدْنَا فِكرًا مُبدِعًا وَإبدَاعًا مُفَكّرًا.
 
نحن بحاجة لأفق رحيب لنفهم معنى أن تكون ذاتُ الإنسانِ مستقلةً بطباعها وخلالها عن ذوات الآخرين، فهي لها "خصائصها"، "أطرها"، "احتياجاتها"، .... الخ
 
إن استوعبنا ذلك أمكننا حينها أن نُحدِّد دوائر كل ذات وحدودها، وحينها بلا شك سنفهم مقولة : "لستُ أنا أنت ولستَ أنت أنا"
 
الاختلاف طريقٌ لا يؤدي إلا للحياة، ولو تشابه الكون لفسُد.
فما بالنا لا نتوافق إلا مع من شابهنا!
 
هب أنّك استمريت بالنظر إلى المرآة وأنت تشاهد نفسك، فإمّا أنْ تقذفك المرآة، وإمّا ان تُدير ظهرك لترى غيرك، لن يكون هناك طريقٌ لجمودك المستمر..
عند (أنا أنا) بعنجهيتها وثباتها، وحين تأخذها العزة بالإثم، هي من تحول بيننا وبين الإيمان بـ "ليس أنا أنت، ولست أنت أنا"
 
أيضًا..
"عندما تقيّد حبك لي بشبهي بك، فأنت توشك أنْ تقتلني، وقتلي، لا مفرَّ قاتِلُك..
 
أنْ نختلف، يعني إنَّنا نتَّفِق فكرًا، وليس الضرورة، فكرةً..
فالجذر واحد (الفكر)
والأغصان تتعدّد: (الأفكار)
عندها فقط تُجنى الثمار، وحينما نتشابه بالفكر والفكرة لم ندع للثمار مِقطَف."
 
لذلك:
"ليس أنا أنت، ولست أنت أنا"
 
 
14 فبراير 2015

No comments:

Post a Comment