في جلسة مفتوحة اليومَ (الخميس) كان الحديث يدور حولَ ما يحصل من انقلابٍ في الشّخصيات، وعدولٍ من منهج لآخر، ومن عقيدة لأخرى، ومن شخصية لغيرها بشكل تام، وكان الهدفُ هو محاولة الوصول لأسباب هذه الانقلابات، واقتراح بعض الحلول للانقلابات السّيئة، سواء كانت حلولا وقائيّة أو علاجيّة، بشكل أو بآخر.
وموضوع النقاش ليسَ ببعيدٍ عن الواقع أبدا، وأمثلته ممّا نعلم في التّاريخ عديدة، وإلا فهناك الكثير الكثير ممّا لا علمَ لنا به، فتجد إنسانا ضدّ التّيار الفلاني، فينقلب عاشقا له، وترى إنسانا عاش عابدا زاهدا، لكنّه يموت كافرا ومشركا!
لذلك فمن المستغربِ جدا أنْ ترى بعض الأفراد ينقلبون للجهة المقابلة تماما لما كانوا عليه، وقد يحدث هذا الأمر في سنّ متأخرة، بل عند الاحتضار، حتّى أنّ الشّريعة الإسلامية جعلتْ بعض الأعمال والأدعية الخاصّة، لغرض الحفاظ على المؤمن من مثل هذا الانقلاب، وهو ما يسمى بالعديلة.
الانقلاب الحاصل قد يكون محمودا، وفي الاتّجاه الصّحيح، وقد لا يكون، بل قد يكون لأبعدِ الجهات عن الحق، وهنا تتّضح الخطورة، لذلك يجب على كلّ عاقل أْن ينتبهَ لمثل هذه الأمور الدّقيقة، وأن لا يتجاهلها، فإنّ انقلابا ما، في الطّريق غير الصّحيح، قد يؤدي بالإنسان لأشدّ المهالك، بل للهلاك الأبدي، والعياذ بالله.
من هنا كان هدفُ الحوار هو البحث عن أسبابِ هذه الحالة، ثم إيجاد الحلول المناسبة لها، وهذه بعضُ الأسباب التي طرحها الحاضرون، أختصرها في نقاط:
الأولى: أنْ يكونَ الفردُ ضعيف الاعتقاد، وإيمانه ظاهريّ فقط، سواء كنّا نتكلّم عن الدين أو غير ذلك.
الثّانية: ضعف النّفس الإنسانية، واتّباع العاطفة في التّعامل مع الأمور.
الثّالثة: الأسباب تتنوّع، فمنها ما يكون عاطفيّا مثلا، ومنها ما يكون برهانيّا عقلائيّا، وغيرها.
الرّابعة: لحظة ضعف منَ الإنسان، يستثمرها الشّيطان فينقضّ عليه.
أُضيفُ شيئا بسيطا، فأقول: أنّ تنوعَ الأسباب ممكن، بحيث أنّ الجهة التي تجعل الإنسان ينقلب انقلابا تاما تختلف من فرد لآخر، ودون أن أحصرها، فأرى أنّ لكلّ فردٍ اعتقادات ومبادئ معينة، بُنيت على أساس مّا، قد يكون عقليا، وقد يكون عاطفيا، وقد يكون وراثيا، وهكذا، فالانقلاب أو التّغيّر أيضا قد يكون من هذا الباب، فالبناء على الأدلّة البرهانية مثلا، قد يتزلزل، أو يتغير، فيتضح أن الدليل لم يكن برهانيا، فتجد هذا الفرد يمكن تغييره عن طريق برهان جديد، أو من كان بناءه نفسيّا عاطفيّا، فتغييره على الأغلب يكون من هذا الباب، وهكذا، وإن لم يكن ما سبقَ تامّا، فمن جهة أخرى قد يكونُ الإنسانُ في نشأته يعتمد على عاطفته وموروثاته كثيرا، لكنه مع تقدّم العمر ونضجه، يبدأ باستعمال عقله أكثر، فينقلب حاله بتغيّر أُسسه ونظرته للأمور، وهذا قد يكون تدريجيا.
طُرحت بعض الحلول لمواجهة هذه الحالة، إذا كانتْ في الاتجاه السلبيّ، بعضها قد يكون أكثر خصوصيّة من غيره، ومن أهمّها:
١/ مراقبة النّفس الدائمة، وعدم الغفلة.
٢/ عدم كشف نقاط الضعف لدينا أمام الشّيطان ما استطعنا ذلك.
٣/ تقوية الفرد لنفسه فكريًّا وعلميًّا.
٤/ محاسبة النّفس.
هذه بعض الحلول، وليس كلّ الحلول، وبإمكان كلّ فرد أنْ يبحث عمّا يحصّن به نفسه، وأنْ يجد ما يقيه شرّ المنزلقات، والتي لا تخلو سيرة فرد من مواجهتها له، وكذلك أُضيف أنّ السعي الجادّ نحو الحقّ، يقينا الكثير من المهالك، خصوصا وأنّ هناك من يرعى الباحثين عن الحقّ.
نقلت ما دار بشكل جزئي ربّما، وهو من أجل الإستثارة، ولما أراه من أهميّة كبيرة لهذا الأمر في حياتنا، ولخطورته البالغة..
21 فبراير 2015
No comments:
Post a Comment