Friday, February 13, 2015

كن رجلًا // أم حسين

 

 
طفلة..
 
تجري مسرعة باكية، وترمي بنفسها في حضن أبيها، تشكي أخاها الذي ضربها، حينها تشعر أن لو العالم اجتمع يريد إيذاءها، فلن يستطيع، فهي آمنة تلفُّها أيدي أبيها كأسوار عالية تحميها، تلك اللّحظات هي معنى الأمان ومعنى (أبي).. مشاعرٌ تسكن داخلي وداخل كلِّ امرأة.
 
كبرت الطفلةُ وأصبحت فتاةً..
 
فرسٌ أبيضٌ يمتطيه شابٌّ وسيم، ممشوق القوام، عيناه يملؤهما العطف والحنان، وقلبه ينبض بالغرام، يترجّل من على حصانه، تلفّ خطواته شجاعة الفرسان، يُمسك بيدها فيسري ذلك العشق في كُلِّها، فيخطِفها على ظهر حصانه وظهرها يستند إلى صدره، تلفّها يداه ممسكة باللجام لتحميها في نفس الآن.
 
حلم تعيشه كلّ فتاة يمثل الواقع الذي تتمناه مهما تغيرت ملامح فارسه، تشترك تفاصيله لتعبِّر عمّا تحتاجه كفتاة، رجولة تتمناها لتبدأ معها حياةً جديدةً تكمّل نصفها الآخر.
 
وأمستْ الفتاةُ زوجة..
 
تبدأ بعمارة مملكتها الصغيرة ودًّا وحبًّا، تطبع عليها بعض بصمات من حياتها السابقة.. فجزء من قلبها سيبقى دائمًا متعلقًا بمنزلها القديم ذي الدفئ العظيم والدّلال الكبير، وعلى الرغم من كلّ التغيير الذي طرأ على حياتها تحاول جاهدة أن تتكيّفَ لإرضاء فارسها وقاطني البيت الجديد.
 
وتمضى الأيام ..
 
ثقافة مختلفة، عادات مختلفة، معدنان مختلفان لا بدّ من تمازجهما ليشكِّلا مُركَّبًا جديدًا يناسب قالب الحياة المشتركة..
 
المرأة ليِّنةٌ.. لا صعوبة جادَّة في تقبُّل شخصيتها للامتزاج بشخصيَّة زوجها..
 
ولكن.. ماذا عن الرجل الزوج؟!
 
يفتخر الكثير من الرجال بالآية الكريمة التي تعطيهم القوامة على النساء وهي:
(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ).
 
يصعب على الرّجل أن يمتزج بشخصيَّة في حياة زوجيَّة جديدة، فهو (سي السيِّد) بحسب فهمه لآية القوامة!!
 
بالبحراني:
(أنت رجال) (لا تصيح) (أنت صبي شلون تخليها تغلبك)..
 
عذرًا أيّها الرجل، ففهمك خاطئ، وعليك أنْ تكسرَ جبلَ الوهم الذي تعتليه..
 
اسمعْني..
القوامة في اللغة: من قام على الشيء يقوم قيامًا: أي حافظ عليه وراعى مصالحه، ومن ذلك القيِّم وهو الذي يقوم على شأن شيء ويليه، ويصلحه، والقيّم هو السّيد، وسائس الأمر، وقيّم القوم: هو الذي يقوّمهم ويسوس أمورهم، وقيّم المرأة هو زوجها أو وليّها لأنه يقوم بأمرها وما تحتاج. ففي اللغة قام الرّجل المرأة: أي قام بشؤونها وما تحتاج إليه.
 
نعم أنتم القوّامون ولا شكَّ في ذلك، ولكن كيف!!؟
 
هنا مربط الفرس..
 
كيف!!؟
 
هل هي بالحبِّ والتّفاهم والمداراة، أم بالتّسلط والعنف لفظًا.. وربَّما أكثر!!؟
 
عزيري الرّجل القوامة ليست استعلاءً واستبدادًا، ولا تحكمًا وتسلطًا، ولا إلغاءً لدور المرأة كما يفهم بعضهم..
 
إنَّها رعاية ومسؤولية بالحكمة..
إنَّها قوامة الاحترام وحفظ كرامة الآخر..
 
تقول:
أريدها جميلةً، رشيقةً، بيضاءَ، كحلاءَ، (وأهم شيء تشتغل عشان تساعدني)..
ألستَ من اختارها موظفة!!؟
 
فتحمّل غيابها إذن لساعاتٍ طويلة، واعذرها إنْ قصَّرت في شؤون منزلها، ونبّهها بلطفٍ إنْ نسيَتِ الاهتمام بنفسها في خضمّ مسؤولياتها الكثيرة فهي (أمٌّ، زوجةٌ، ربَّةُ منزلٍ وموظَّفةٌ في آنٍ واحد)..
هي إنسانة وليست (سوبر مان)!!
ليست تمتلك القوَّة والبأس كما أنت.. المرأة - يا حجي - (ريحانة وليست قهرمانة).
 
توقّف، واسأل نفسَكَ
كيف أرى زوجتي؟ هل هي جزءٌ مساعدٌ أم مكمِّل!؟
هل هي نصفُك الآخر أم مجرّد زوجة ساقها حظّها لتكون تحت رحمتك!!؟
 
أيّها الرجل أقولها لك بصدق:  مخطئ إن اعتقدت بأنّها ترفض قوامتك، فالمرأة السّويَّة تشتاق من أعماقها لتلك القوامة الرّشيدة، وتعيسة حقًا تعيسة من تنتزعها منك..
 
أتذكر ذلك الحضن الذي التجأت إليه وهي طفلة باكية، ذلك الحضن (الأمان) هو ما تحتاجه زوجتك..
 
فمتى ستعي ذلك!!؟
 
ثمَّ تعال إلى موضوع آخر، أراه مضحكًا مبكيًا..
أنت تطلب من زوجتك المحافظة على جمالها.. رشاقتها.. لياقتها..
تريدها نضِرة معطَّرة..
ومن قال بأنَّها لا تريد ذلك فيك أيضًا، وبنفس الدرجة إن لم يكن أكثر؟
 
أنت أيضًا تتزوج، وبعد فترة تتحول إلى (...).
هل أُكمِل، أو أنَّك فهمتها؟
لا أشكّ في أنَّك قد فهمتها، فأنت صاحب القوامة يا (سي السيد)..
 
فرفقًا رفقًا بالقوارير..
 
 
14 فبراير 2015

No comments:

Post a Comment