Friday, March 20, 2015

ثلاثةُ عُقودٍ في يوم // أم حسين

 
 
قبل عشرين عامًا
 
أعود من مدرستي أتناول الغداء وقبل الثالثة بعشر دقائق يوميًا تنادي (أمل)..
أترك واجباتي وأسرع إلى صديقاتي.. ولم أكن لأهتم، فلا شيء حينها كان يساوي زيادة بضع دقائق أقضيها برفقة صديقاتي.
 
العصرية..
أصواتنا كدويِّ النحل، صبية وفتيات نقرأ القرآن، ومَن ينتهي من الحفظ يساعد الآخر حتى تشير الساعة إلى الرابعة، نغادر جميعًا ويبقى من عليه مهمة تنظيف المكان ليلحق بنا متأخرًا، وأحيانًا كثيرة كنَّا نتعاون سوية للانتهاء من العمل باكرًا.
 
كانت بهجة المرح واللعب تسرق آخر ساعتين لإشراقة الشمس، نقضيها لهوًا وفرحًا حتى المغيب.
 
مرَّت السنون بكلِّ ما فيها من ألم وفرح..
.........
 
التاريخ: السبت 14/3/2015م
الوقت: الواحدة ظهرًا
المكان: منزل بتول (صديقتي)
 
يوم أمضيته مع صديقات طفولتي..
تهاوت أثقال السنين، وتراقصت قلوبنا فرحًا، فتعالت الضحكات، وكنا كما كنا حتى المغيب..
 
وجَّهتْ (شهناز) سؤالًا للجميع:
 
قالت: "ماذا أضاف اللقاء إلى نفسك؟!"
 
توسطت كلماتي ضحكاتهن وقلت: "حملتْ سنين عمري وجوهًا كثيرةً لأنفس مختلفة، ولكنَّني لا أشعر بوجودي الحقيقي إلَّا وأنا بينكن ولا أشعر بالتكامل إلا معكن.."
 
لامستْ كلماتي قلوبهن وكانت لحظة الصمت الوحيدة خلال اللقاء..
 
كنتُ صادقة في كل حرف نطقته، فأخذني ذلك الصدق إلى تساؤل آخر:
 
لماذا؟!
لماذا هنَّ وليس غيرهن؟!
ما سرُّ الراحة النفسية التي تتركها لقاءاتهم القليلة؟!
لماذا أتمنى قربهن وأبحث عنهن دائمًا؟!
 
أعتقد أن من الصعب على الإنسان نسيان بعض الصداقات خصوصًا تلك التي لازمت الفترة الزمنية التي تتشكل فيها شخصيته باستكشافه للعالم خارج المنزل، ذلك التلازم جعلها جزءًا من النفس تشتاق له إن غاب عنها وترتاح بعودته لها.
 
يقول أرسطو في فلسفة الصداقة (تمني الصداقة عمل سريع ولكن الصداقة نفسها ثمرة بطيئة النضج).
 
تنبثق الصداقة حسب رأي أفلاطون من الحالة الوجودية للإنسان، وهي حالة وسطية بين الكمال المطلق والنقص المطلق تدفعه إلى البحث الدائم عما يكمل نقصه من خلال الصداقة.
 
وتمر هذه الصداقة بمراحل كما النبات بِدءًا من كونه بذرة حتى مرحلة الإثمار، وإثمار الصداقة هو أن تكون قيمة إنسانية عظيمة الأثر في حياة الفرد والمجتمع.
 
قارئي العزيز..
 
لكل منا طفولة وصديق، هل ما زال صديق طفولتك قريب منك، أو أخذته الأيام  بعيدًا عنك؟!
 
هي دعوة وليس بمقال أقدمها للجميع..
لا تتركوا أمواج الحياة تبحر بكم على غفلة بعيدًا عن أصدقائكم..
 
إهداء..
 
صديقاتي ملامحكن الجميلة وأرواحكن الطاهرة عُجنت مع نفسي فشكلت جزءًا مضيئًا في شخصيتي..
أشتاق لكنَّ عندما تغبن  ويكتمل وجودي معكن.
 
 
20 مارس 2015

No comments:

Post a Comment