شعرتْ المحارة بالجوع ففتحت صدفتها ليمر بها تيار من الماء محملًا بالكائنات التي تحتاجها لتسد بها جوعها وتأخذ منها حاجتها الطبيعية، وبسب انشغالها بسد جوعها لم تنتبه بأن تيار الماء تحرك قويًا وحرّكت معها الرمال ودخلت حبة الرمل الخشنة في صدفتها لتلتصق بجسمها الناعم والطري.
حاولت المحارة أن تغلق بابها حتى لا تتأذى ولكنها تأخرت لأن حبة الرمل كانت قد دخلت والتصقت بها لتتحول مع الأيام إلى مصدر للألم والأذى لها.. وكلما كانت حبة الرمل أكبر كلما كان الألم الذي تسببه لجسمها الناعم أقوى.
أصبحت المحارة مع الأيام تتألم وتعاني بسبب تلك الحبة الخشنة من الرمل، وربما كانت تبكي بدموع لا نراها، تبكي بهدوء لتختلط دموعها بمياه البحر وتذهب بعيدًا، ولكن.. مع كل ما عانته فهي لم تكن تريد أن تستسلم للألم بل تريد أن تطرده وتتخلص منه.
مرّت عليها الأيام الطويلة وهي على هذا الحال، تصارع وتبحث عن طريقة تدافع به عن نفسها وتطرد تلك الحبة المؤلمة التي دخلت حياتها، إلى أن جاء اليوم الذي أدركت فيه أنها لن تقدر على إزالتها وطردها من حياتها بسهولة فهي قد دخلت عالمها واستقرت بين صدفتها ولحمها وكل هذا الصراع قد يؤذيها.
بدأت المحارة بالتفكير والتأمل في مشكلتها كي تجد حلًا لمعاناتها وطلبت من الله عز وجل أن يساعدها في محنتها هذه، وهداها تفكيرها إلى أنها ما دامت مرغمة على التعايش مع حبة الرمل المؤلمة تلك فإنها يجب أن تسعى إلى تخفيف الألم الذي تسببها لها تلك الحبة حتى تتمكن من التعايش معها.
بدأت تفرز حول حبة الرمل مادة رقيقة ليّنة لتتحول مع الوقت إلى طبقة صلبة ملساء ناعمة تحيط بها لتبعدها قليلًا عن جسد المحارة وتخفف من الأذى الذي تسببه لها.. وكلما تحركت حبة الرمل وأحست المحارة بالألم كلما أضافت لها طبقة رقيقة أخرى لتزداد سمكًا وتبعدها عنها أكثر وأكثر.. وهكذا مرت السنوات الطويلة تراكمت خلالها طبقات كثيرة من هذه المادة الصلبة حول حبة الرمل لتكوّن طبقة عازلة سميكة تفصلها عن المحارة.
وبقيت المحارة مضطرة أن تتعايش مع حبة الرمل الغريبة عنها بانتظار أن يأتيها الصياد ليفصلها عنها وينهي آلامها....
13 ديسمر 2014
No comments:
Post a Comment