Friday, December 19, 2014

الجالية اليابانية.. وأثر التعليم // محمود سهلان

 
 
تعاملتُ كبائعٍ وموظّفِ خدمات زبائن مع أبناء الجاليتين اليابانية والكورية، فوجدتُ خلال هذه التجربة الكثيرَ من الفوارق بينهما، وقد تكوّنت عندي صورةٌ مفادها أنّ أبناءَ الجالية اليابانية يتفوقون في الكثير من الأمور على أبناء الجالية الكوريّة.. كالأخلاق، والرزانة، والنظافة، والذكاء، وغيرها..
 
ما الذي أوجدَ هذه الفوارق بينهما يا ترى؟
 
حسب معلوماتي فإنّ اليابان تعد واحدةً من أفضل الدّول على مستوى التّعليم، إن لم تكن الأولى عالميًا، وبما أنّ التّعليم يبدأ في سنٍّ مبكرة في كل البلدان، فهو يساهم بشكلٍ كبيرٍ في صناعة الأجيال تلو الأخرى. وما دام هو بأعلى مستويات الجودة عندهم، فلا شكّ ولا ريب في مساهمته فيما هم عليه مساهمةً كبيرةً جدًا.
 
ومما لفت انتباهي ـ خلال بحثي ـ أنّ النّظام التّعليمي المتّبع في اليابان متساوٍ بين جميع المدارس، فالمنهج واحد، وآليات التّعليم واحدة وهكذا، ولعلّ هذا مما يجعل كل اليابانيين ممّن تعاملت معهم يحملون صفاتٍ متشابهةً بشكلٍ كبير.
 
أمّا فيما يخص كوريا فلستُ مطلعًا بما يكفي على مستوى ونظام التّعليم، إلا أنّه لا يرقى لمستواه باليابان على أقلِّ تقدير، ولست أشيرُ لأن الجالية الكورية سيئة مثلًا، بل هي جاليةٌ جميلةٌ أيضًا، إلا أنّ الفوارق تبقى واضحة.
 
ليس هذا السبب الوحيد، فقد تكون هناك أسبابًا أخرى لم أطّلعْ عليها.
 
أمّا في بلداننا العربية والإسلامية فالكلُّ يعرف تدنّي مستوى التّعليم إجمالًا، وهو ما نرى نتائجَه ظاهرةً بوضوح في كل يوم، وهذا ما يجب أن تجعله المؤسسات التّعليمية الرّسمية وإداراتها نُصب أعينها، وإلا فمن المحال أن يتغيرَ الحال للأفضل. وبإمكان هذا المؤسسات وضع التجربة اليابانية وغيرها من التّجارب النّاجحة أمامها، كي تحلِّلَها وتستفيدَ منها.
 
ومع ذلك فلا ينبغي أن نَّقفَ مكتوفي الأيدي كمجتمعات لا تتوفر لديها النُّظمُ والوسائلُ التّعليميةُ المناسبة، فكما يذهب أبناءنا للمدارس والجامعات فإنّهم يعيشونَ بمنازلنا ووسط مجتمعاتنا، ويذهبونَ للمراكز الثّقافية والدّينية بالقرى، ما يعني إمكانيةَ تداركِ الأمر لو عملنا بشكلٍ صحيح، وركَّزنا جهودنا باتّجاه توفير الجو العلمي الملائم لأبنائنا، والارتقاء بهم، ما يعني الارتقاءَ بالمجتمعِ والأمَّةِ على المدى البعيد.
 
 
٢٤ صفر ١٤٣٦ هـ

No comments:

Post a Comment