Friday, December 26, 2014

الضعف البشري.. بين التجاهل والسعي // محمود سهلان

 
 
قد يعاني أيُّ إنسانٍ على وجه البسيطة ضعفًا وقصورًا في بعض جوانب شخصيّته، فإنّه خُلق ضعيفًا، وهو غير معصوم عن الخطأ والزلل، فكلُّ إنسان من الممكن أن يصدر منه الخطأ إلا المعصوم.
 
لكنّ النّاس على أقسام، من جهة تعاملهم مع هذا الضّعف، وهذا القصور، فدعني أذكرُ لك بعضها:
 
١ـ شخصٌ يعاني ضعفًا مّا، لكنّه لا يشعر أنّه يعانيه، وقد يتصرّف لا شعوريًا بما يوضّح هذا الضّعف دون التفات منه.
٢ـ شخصٌ آخر يعلم بضعفه وقصوره، لكنّه يتظاهر بعكسه، فيحاول إخفاء هذا الحال عبر التظاهر بالفضيلة والكمال المقابل له، أو أنّه يتجاهله على أقل تقدير لكسل أو غيره.
٣ـ شخصٌ ثالث يعلم بضعفه وقصوره، فيصدُق مع نفسه، ثم يحاول رفع هذا الضّعف وهذا القصور، فهو لا يتظاهر ولا يتكاسل ولا يرائي، بل يبقى يسعى ليرفع ما يتمكّن من رفعه.
 
الشّخصية التي أرى أنّها في الطريق الصحيح هي الثالثة، فهي التي من شأنها أن تتطور وتبدع، فإنّ هذه الشّخصية السّاعية للتّكامل هي التي تتماشى مع السّنن الكونية، ومع ما يريده الله تعالى، فإنّه سبحانه وتعالى جعل الإنسان مريدًا، وأراد له أن يتحرَّك في خطِّ الكمال. لذلك فإنّ هذا الإنسان لا يمكن أن يقف عند حدٍّ ما، بل تراه يعمل بشكل دائم ومستمر كي يتحسَّن حاله ويتطوَّر.
 
مثل هذه الشّخصية تعرف أنّ التغيير لا بدّ منه، ولو تركته لما أمنت النّتائج، لذلك هي تسعى لأن تصنع التغيير بإرادتها، وعلى طريقتها، وتعلم أنّ هناك من سيدعمها في هذا الطّريق، وهو الله سبحانه وتعالى.
 
ما أودُّ قوله أنّ علاج ضعفنا وقصورنا في بعض الجوانب، ليس هو التَّغافل عنه، ولا يكون بالتَّظاهر والرِّياء، بل هو طريق واحد، يعتمد على معرفة الإنسان بجوانب ضعفه أولًا، ثم التّحرك من أجل رفع هذا الضّعف ثانيًا، معتمدًا في ذلك على إرادة صلبة، وخطَّةٍ واضحة، خصوصًا وأنّ الميدان هو ميدان النفس، وجهادها كما تعلم هو الجهاد الأكبر.
 
 
٤ ربيع الأول ١٤٣٦ هـ

No comments:

Post a Comment