Friday, December 26, 2014

هذه مطلقة // أم علي

 
 
من باب التسلية أحيانًا، أو الفضول في حين آخر، تجد البعض يناقش قضية (المطلقات)، ومن أبرز الأسئلة التي قد يفتتح به النقاش عن هذا الموضوع أو يؤتى به بين السطور مكتوب بالبنط العريض "هل تقبل الزواج بمطلقة؟"، وذلك على افتراض أنها من كوكب آخر مثلًا!
 
وبعد طرح ذلك السؤال الجوهري والخطير جدًا تأتيك سيل من الإجابات المتراوحة بين الرفض بشدة، والقبول بقوة، أو الانتقاص أحيانًا، جاعلين من "المطلقة" مادة حوارية دسمة، وقضية يخوض فيها كل من أراد ذلك وكأن المطلقة ناقصة عن باقي النساء، أو أنها دون ذلك المستوى الذي يطمح إليه أهل الذوق الرفيع، والاختيار الراقي.
 
كم من مطلقة لو كانت زوجة لك لكنت ممن يعيشون في نعيم لا مثيل له، وكم من مطلقة واعية و رزينة، تحمل فكرًا راقيًا ونفسًا طيبة فما حاجتنا إلى ذلك السؤال الجدلي المفرغ من أبسط صور المنطق والعقل.. فالمطلقة جزءٌ لا يتجزأ من هذا المجتمع المتنوع، ولها من التقدير والاحترام ما تستحقه.
 
لماذا نجعل الطلاق سببًا نعيب المرأة من خلاله..، أليس الرجال يخطئون؟
أما نظرة الاستنقاص من المطلقات ليست نابعة إلا من نظرتنا للمرأة بمنظار الجاهلية الأولى، متناسين بذلك أن الحياة الزوجية حياة يتساوى فيه الرجل والمرأة من حيث التكليف بالحقوق والواجبات، فعلى كل من الزوجين واجباته التي يجب أن يقوم بها، كما أن له حقوقه.
 
من الخطأ أن نختصر سبب الطلاق في أن هناك أمر يعيب المرأة، فمن النساء من تضحي بكل ما تملك في سبيل إبعاد العلاقة الزوجية عن منعطف الطلاق، كما أنه مما لا شك فيه أن المرأة الحكيمة هي الأقدر دائمًا على قيادة الحياة الزوجية للهدوء والاستقرار، ودليل ذلك أن معظم الاستشارات الأسرية في الغالب تقدم للنساء، وهذا شيء يحسب لهم لا عليهم.
 
فرفقًا بأنفسكم وأنتم تتحدثون عن تلكم النساء اللواتي يمثلن قيمة راقية في المجتمع وإن طلاقهن ليس دليلًا إلا على انتهائهن من حياتهن الزوجية، وليس على عيبٍ فيهن أو نقص، وإن لمنهن من لو تزوجت مرة أخرى، لكانت قادرة على احتواء ذلك الزوج أكثر من نساء متزوجات حاليًا، فلا تجعلوهن حديث للهو في مجالسكم وبين سطور أحرفكم، وتذكروا دائمًا أنكم مسؤولون فيما تقولون وتكتبون.
 
ما أحوجنا إلى زيادة وعي المجتمع حول أولوية قضاياه، وكيفية مناقشتها بعيدًا عن لغة العموميات التي أرهقتنا على مر العصور، وما زادت الوضع إلا تعقيدًا، فنحن فعلًا في أشد الحاجة إلى خطاب منهجي واضح، يكون أساسه العلم والمنطق، ولا يكون مجرد آراء شخصية وانطباعات فردية، فالفكر المنظم المدروس خيرٌ من العشوائي الارتجالي، وخصوصًا في القضايا التي تتعلق بحياة الإنسان بشكل مباشر.
 
ومضة: لا ينتقص من المطلقة إلا شخص لم يفهم حقيقة المرأة مطلقًا!!.
 
27 ديسمبر 2014

No comments:

Post a Comment