Friday, July 11, 2014

العقل اللاواعي .. غزوٌ وتهذيب // أبو مقداد

 


يحتوي جهاز الكمبيوتر على قطعتين أساسيتين هما "القرص الصلب والذاكرة المؤقتة"، وبحسب فهمي لعمل ووظيفة هاتين القطعتين، فهما مقتبستان كما أنَّ الكومبيوتر بغالبِ فكرتهِ مقتبسٌ من الإنسان. جهاز الكمبيوتر يعمل من خلال أولًا جسم: يتكون من مدخلات (inputs) ومخرجات (outputs). المدخلات مثل لوحة المفاتيح (keyboard) والفأرة (mouse) والماسح (scanner)، مثلها مثل مدخلات الإنسان من الحواس كالسمع والبصر والشم والتذوق واللمس. والمخرجات مثل الطابعة والشاشة والمودم، مثلها كمثل مخرجات الإنسان اللفظية واللالفظية كالنطق والحركات والسلوك والنظرات، والتشابهُ يمكن ملاحظتهُ أيضًا في القلب والعقل والأعصاب وووووو،،
ولكن مورد حديثنا في هذا المقال عن القرص الصلب والذاكرة المؤقتة، واللذان يشكلان العقل الظاهر والعقل الباطن أو كما تتم تسميتهما بالعقل الواعي والعقل اللاواعي في الإنسان، مع فروقات بسيطة ..
 
العقل الواعي كما هي الذاكرة المؤقتة في جهاز الكمبيوتر، يكونُ محدودَ التركيز، ومنطقيٌّ ويعملُ في حالةِ اليقظةِ وفق أوامرَ مُحدّدة، ويعتمدُ على اللحظيةِ والآنية في فهمِ وتحليلِ الأحداث، فشاشة الكمبيوتر لن تعرض لك صورةٌ ما في الذاكرة المؤقتة "العقل الواعي"، إن لم تعطها أوامرَ من القرص الصلب "العقل اللاواعي" لعرضها!
 
أما العقل اللاواعي وهو جوهرُ حديثنا، فهو غير محدود التركيز والإدراك، ويعمل بسرعةٍ عالية تُقارب الثلاثين ضعفًا من سرعة العقل الواعي، فهو يدرك حوالي مليونين معلومة في الثانية، ويتمكن من الربط بين الأفكار، وأحداث الماضي والمستقبل واللحظة، وهو مسؤولٌ عن كل الحركات اللاإرادية في جسم الإنسان، وهو المكون الأساسي لشخصيةِ أي إنسان.
 
يتأثرُ العقلُ اللاواعي بكل الأحداث والتفاصيل الصغيرة والكبيرة التي تمر على الإنسان والتي قد يتجاهلها عقله الواعي وقد لا تعني لهُ شيئًا، كأنْ ترى شخصًا لا تعرفهُ ولا تشعر بوجودهِ ولا تنتبهُ له، ثم قد تراه في مكان آخر فتتذكرُ بأنك قد رأيتهُ في وقتٍ سابقٍ، بالرغم من أنك لم تنتبه له في اللقاء الأول، هذا لأن صورته بشكلٍ لا إرادي قد حُفظت في عقلك اللاواعي، بينما عقلك الواعي لم يتلقَ الأوامرَ في المرةِ الأولى للإنتباهِ له. من هنا يستغل البعض القوة الهائلة  للعقل اللاواعي في التحليل والربط والتفكيك والحفظ، في دس سُمِّ أفكارهم وثقافاتهم في عسلِ عقولنا، وحيث يُركِّزونَ على إشغال ومخاطبة العقل اللاواعي وخداع ومراوغة العقل الواعي، فمن الطبيعي جدًا أن لا ينتبهَ المخدوعُ بخدعةِ الخادع، وهذا ما تعتمدهُ ضدنا قوى محاربة الدين، حيثُ أنهم يعتمدونَ في غزوهم لعقولنا على هذه الخدع التي ينتبه لها العقل اللاواعي، ويؤثر بها على شخصية الفرد من دون أن يشعر عقله الواعي، فنرى مثلًا شركة والت ديزني والتي ترعاها القوى الماسونية التي تعتمد بشكل كبير على مخاطبة العقل اللاواعي والتأثير عليه وفق دراسات وأبحاث عديدة، نراها تبثُّ أفلامًا كارتونيةً للأطفال، ظاهرها الذي يدركه العقل الواعي هو أنها مجموعة شخصيات كاريكاتورية تقوم بأداء أدوارٍ معينة، إلا ان الباحثين يحللون بعض هذه الرسومات على إنها مستوحاةٌ من أشكالٍ جنسيةٍ مشاهدتها قد تؤثر في عقول الأطفال اللاواعية بينما لايمكن تحليلها عبر العقل الواعي، فضلًا عن بعض المشاهد المخلة بالآداب، والتي قد تبدو مضحكة إن تصدرَ من شخصيةٍ كارتونية، إلا إنها تؤثر بشكل مباشر في العقل اللاواعي للطفل وتترك أثرًا بتكوين شخصيته. وذات الطريقة هذه تعتمدها الكثير من شركات الدعاية والإعلان في إعلاناتها، كما تبث إلينا عبر الأفلام السينمائية ونحن نتابعها كقصةٍ من دون أن ندرك أنها خطة محكمة للعبث بعقولنا اللا واعية!
 
بالرغم من أن العقل اللاواعي أداة لا إرادية، إلا أن إمكانية غزوها واختراقها والعبث بها، تدل على إمكانية تهذيبها وتوجيهها والتحكم بها أيضًا، بذات الطريقة التي يتم غزوها بها، كأن نملأها بقراءة الكتب المفيدة، ومطالعة الأفلام الجيدة، وطبعًا أفضل طريقة لتغذية الروح والعقل الواعي واللاواعي هي قراءةُ القرآن، ولكن لا بُدّ من وضع خطةٍ على غرار خطة والت ديزني، ولكنها تعاكسها في الإتجاه، فتكون من أهدافها أن تصنع جيلاً واعيًا منتبهًا منتجًا رساليًا. والبدء على التأسيس لهذا الجيل باحتوائهم منذ صغرهم في طريق الهداية والمعرفة والتعلُّم. كما يجبُ التعريفُ بخطط هذه  القوى التي تعبثُ بعقولنا كي نحتمي منها.
 
عملية العبث بالعقول اللاواعية، والباطنية، بدأت منذ القِدم، ولا بُدّ من الاطلاع عليها ومعرفتها واكتشاف حبائلها وفضح حيلها، كي نتفاداها، وننجو من أن نُخدعَ بها، كما لا بُدّ من معرفة وتعلم الطرق المُثلى والصحيحة والسليمة في مخاطبة العقل اللاواعي وتهذيبهُ كما تريدُ الفطرةُ السليمة، وإلى هنا وأدعو القارئ للإطلاع على فكرة عمل وتنظيم الماسونية*، وكيف يتسللون لعقول الناس، وتُنشَر أفكارهم بقوة، دونَ أن يشعر بوجودهم أحد، فضجيجهم الحاد، لا صوت لهُ أمام عقولنا الواعية!
 
 
12 يوليه 2014

 
______________________________________
*توجد العديد من المواضيع التي كتبت قي صفحات الإنترنت، كما توجدُ بعضُ الأفلام الوثائقية يمكن الإستفادة منها عبر موقع وبرنامج youtube .
 

No comments:

Post a Comment