Friday, July 11, 2014

أين هي الحقيقة؟ // أم حسين



كيف يحدث هذا؟ "ماذا كان قبل ذلك؟" "وماذا بعد ذلك؟".
 
تساؤلات تديرها غريزة السعي للمعرفة الصحيحة (الحقيقة).

نعيش في عالم مليء بحقائق كثيرة مخفية، لكثرتها لا يمكن حصرها، فمعرفتنا بكل ما في هذا الوجود هي معرفة لله سبحانه وتعالي فهو الخالق والمبدع.

يدرك الإنسان أهمية معرفة الحقيقة وضرورتها لحياته وتحقيق أهدافه وغاياته، فأراد معرفة الأسباب، لماذا حدث ذلك؟ وكيف حدث؟ ليعرف نتيجة ما يحدث الآن، وما حدث سابقًا.

يقول الإمام الخميني قدس سره:
"الكون بما فيه ليس فيه غير الوجود الإلهي، الكون كله مرايا وعكوس وظلال"

وما الحقائق التي كشفها الإنسان سوى حقائق ما استطاع إدراكه فقط وآخر ما توصل إليه علمه فهي حقائق علمية لا فعلية، وتستمر في التغير كلما أدرك الإنسان حقيقة علمية أعمق، والإدراك الكلي بحقائق الموجودات مستحيل ﻻرتباط جهة منه بأمور غيبية مرتبطة بالحق جل جلاله ﻻ يستطيع عقل الإنسان إدراكها فهي أكبر من علمه.

لوجود هذه الغريزة تلازم الإنسان حالة بحث واستكشاف مستمرة عن حقائق الأشياء والأمور، فالإحاطة بما نستطيع منها يسهل لنا وضع الأطر السليمة للتعامل معها والاستفادة منها، ففي وضع الأطر ضمان لنجاح علاقاتنا مع جميع الموجودات (ماديات وشخوص) من خلال صياغتها كمرايا وعكوس وظلال يرى فيها قدرة الله فيزداد إيمانه بالله.

وما من زاد يعين الإنسان في رحلته في الحياة الدنيا كزاد (المعرفة) فهي من تضمن استمرار توقد شعلة  النور في الطريق.
 
فبدون المعرفة يعيش الإنسان حالة من التخبط، فكما يتعثر الأعمى بما يعترض طريقة حين يمشي فيؤذي نفسه وقد يؤذي غيره، وكما لا يميز الأصمخ شدة الأصوات فيسمع الكلمات بشكل غير سليم ويترتب على ذلك نتائج سلبية تعيق فهمه للأمور، كذلك يتعثر العقل بالجهل في طريقه لاستكشاف الأمور ورسم الطريق.

والحقائق لها بُعدان، بُعد مادي يدرك بالحواس الخمس، وبُعد معنوي يدرك بالعقل بجمع المعلومات والتفكير والتحليل، فكلما كانت المعرفة أوسع كلما كان إدراك الحقائق أقرب وأدق، ويكمل البعدان بعضها البعض لينتج عن اكتمالها معرفة محيطة بالأمر من كل الجوانب.

فحقائق الأمور مغلفة بسلسلة من الطبقات وكل طبقة تحتاج إلى مجموعة رموز ومعلومات لتفكيكها وإزالتها لتنتقل إلى الطبقة التي تليها، فإن لم تعرفها ستصل لحد ما وتقف لتضيع في دوامة الحيرة لا تمتلك أي معلومة تساعدك، فزادك من المعرفة قد استنفذ.

وطبيعة الإنسان الاجتماعية تحتم عليه معرفة الشخوص المحيطين به لوضع أطر للتعامل والخروج بعلاقة سليمة، فحقيقة الإنسان كما حقيقة الموجودات تتغلف بأغلفة كثيرة إلا أنها أصعب في فكها وتحليلها لما للإنسان من قدرة على تلوين حقيقته وتغليفها بغلاف آخر متى ما أراد، فحقيقة الإنسان عميقة وصعبة لا يستطيع الآخر فكها إﻻ بالمواقف الصعبة التي يخوضها معه في معترك الحياة.

يقول إمامنا أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام:(أول الدين معرفته)

فالمعرفة هي أساس إنساني نحتاجها في كل مسالك حياتنا.. فالمتسلح بسلاح المعرفة لا تثنيه المغريات والشخوص عن الطريق المستقيم لأنه يكون عارفًا بحقائقها ويميزها إن كانت عونًا أو شرًا.
 
يقول فريدريك نيتشه: "الأخطاء هي التي ربت الإنسان".
 
معظم الأخطاء نابعة من الجهل بالأمور، فلنمضي ساعاتنا بل وحتى لحظاتنا بالتزود بالمعرفة فهي سلاحنا في طريقنا للعودة الى حقيقتنا كبشر، وحتى أن أخطأنا ووقعنا فلنربي أنفسنا بسد مواطن الجهل في أنفسنا بالمعرفة ونواصل المسير.

10 يوليه 2014

No comments:

Post a Comment