كعادتِها الأسبوعية، ومِنْ خِلالِ مُدوِّنة (لقاء وارتقاء)، أطلَّت علينا السبت الفائت (21 أغسطس 2014م) الأخت الفاضلة (أمُّ علي) بمقالة جميلة تلألأ على ناصيتها عنوان (أنا واليابان/ الرابط:
http://ertiqabh.blogspot.com/2014/08/blog-post_52.html)،
وكان موضوعُها: الإبداع الياباني في خلق مشاريع ابتكارية جديدة.
لا ينبغي –في الواقع- إنكار الريادة اليابانية في مثل هذه الميادين ومقدِّمات مواضيعها، فاليابان بلد أسطوريٌّ جدًا، وهذا ما أُقِرُّ به بلا تردُّد.
غير إنَّ أمرًا ذَكَرَتْه الكاتِبة الموقَّرة في مقالتها هو الذي استوقفني وحرَّك المِدادَ في قلمي..
قالت الأستاذة (أمُّ علي):
"تأملوا معي إلى أين وصل تفكيرهم لخدمتنا ونحن ما زلنا نفكر في بيع الذرة والنفيش:
1- إطلاق مشروع الشرائح الإلكترونية الرقيقة لتحل محل الورق كالصحف أو الإعلانات المكتوبة في عام 2020 م، وهذا الأمر يُنبئنا بأن الصحافة الورقية في طريقها إلى الانقراض في عصر التكنولوجيا والإنترنيت." انتهى.
ولي هنا ملاحظتان، ثم الختام:
الملاحظة الأولى: بالنِّسبة لبيع (النفيش والذرة)، فلا مصادمة بينه وبين (تخصيب اليورانيم)، فالجمهورية الإسلامية في إيران تخطو خطواتها الريادية في عالم (النووي) في الوقت الذي لا زال فيه الإيرانيون يأكلون (المهياوه) ويعشقون (الآش)!
نعم، هناك من يحصر تفكيره في (الصغائر) ولا يفكِّر في اقتناص أفكار (الكبائر)، وعلى أيَّة حال، هكذا هي معادلاتُ الحياة قائمةٌ على نِسَبِ التفاوت بين الناس بشكل عام.
أصلُ الملاحظة ليس على فكرة الإبداع والحثِّ على الخروج إلى فضاءات إبداعية واسعة، ولكنَّني أتوقف عند ثقافة المصادمة بين ما هو موجود وما ينبغي أن يكون موجودًا، ولأضرب مثلًا، وربَّما أكثر..
ما المانع من أنْ يلبس الطبيب الحاذق مِئزرًا (بالعامية: وزار) في البيت؟ وما العيب في أن يجلس على الفراش القديم (بالعامية: دوشق)؟
وأين المشكلة في أنْ تلبس المهندِّسةُ المحترفةُ في بيتها (مِشمرها) ومن تحته (السروال القيطان)؟
لا أقول للطبيب: البس (وزار)، ولا للمهندسة: البسي (مشمر وقيطان)، ولكنَّني أقصد إيضاح، أو الإشارة إلى انتفاء المصادمة بين أنْ يتمسَّك أو يبقى ابنُ اليوم على ثقافته (السليمة) في الوقت الذي يسلك فيه مدارج العلم والإبداع والابتكار.
الملاحظة الثانية: أستفيدُ ونستفيد كثيرًا من النهضة العلمية الهائلة التي يشهدها العالم وخصوصًا في المجال التكنولوجي، وها نحن نكتب ونقرأ بل ونمارس عمل البحوث العلمية معتمدين وبشكل كبير جدًّا على أجهزة الحاسوب المعروفة والأخرى اللوحية التي بدأت بالاستقرار بين أيدي الناس.
ولكنَّ هذه الأجهزة ومهما تطوَّرت، فمِنَ الخطأ –بحسب قناعتي- أنْ تحلَّ أو أنْ نجعلها نحن محلَّ الصحيفة الورقية أو الكتاب بين دفَّتَيه (الحيَّتين)، والسبب –في تصوري- عِلمِيٌّ، وملخصه إنَّ ما نقرأه من خلال الجهاز الإلكتروني وإنْ كان يعطي كمًّا معرفيًا واضحًا، إلَّا إنَّه أقل من أنْ يُحَقِّقَ (الرسوخ) المعرفي المطلوب، فهو في الواقع عبارة عن إشارات إلكترونية دقيقة على نسق (01)، وهذا ليس هو (الرسم اللفظي) الذي يُخطُّ على الورق، فتأمل جيدًا..
إنَّ من أفضل وأمتن المصادر العلمية المكتوبة رسوخًا في ذهن القارئ تلك التي يكتبها بخطِّ يَدِه، ثم التي يكتبها الآخر بخطِّ يَدِه، ومِنْ بعدها تأتي الآلة الكاتبة فأجهزة الحاسوب، والسَّبب هو الاتصال التكويني بين الذهن والمقروء عبر العين، وكُلَّمَا كان الخارج عن الذهن قريبًا من طبيعته متآلفًا مع حواسِّه، كُلَّما كان أقرب إلى الرسوخ، وهذه نُقْطَةُ ضَعفٍ عِلمية معرفية أساسية في عموم وسائل التواصل الاجتماعي والمقروءات الإلكترونية.
نحتاج إلى التطور أكثر وأكثر وفي مختلف الميادين، ولكنَّ هذا شيء وقضية (القرطاس) شيء آخر، وفي اليوم الذي تغادرنا فيه (القرطاسة)، فهو يوم الجنازة الرسمية للرسوخ العلمي والمتانة المعرفية.
أدعو الله سبحانه وتعالى أنْ يوفق الأختَ الكريمةَ الأستاذةَ (أُمَّ علي) في مشاريعها التجارية وأنْ يفتح لها أبواب الخير أينما حلَّت.
30 أغسطس 2014
30 أغسطس 2014
No comments:
Post a Comment