Friday, August 15, 2014

المنطقة المحظورة // أم حسين

 



من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالغربة والوحدة عندما ينتقل لبيئة مختلفة ويعاشر أشخاصًا جدد، شعور قد يخالج المرء حينما يسافر فيحتاج لأيام حتى يآلف محيطه الجديد وبعدها يتطور الإحساس ليصل لإمكانية التواصل مع الأشخاص والمكان فيستشعر الجمال، كل ذلك طبيعي جدًا، ولكن الغريب هو أن تخالج الإنسان المشاعر ذاتها وهو في بيته وسط عائلته! وفي الحضن الذي اختاره ليدفئه كلما شعر ببرودة الوحدة تسري في أوصاله، الحضن الذي اختاره ليشعره بالأمان كلما غدر به الزمان.
 
كلماتي ستنبش في قضية لطالما تعامل معها الجميع بحذر شديد، قضية يعاني منها المجتمع ولم ترقَ محاولات علاجها لمستوى متناسب مع درجة تأثيرها المباشر على تطورنا كأفراد ومجتمع. أسباب كثيرة ساهمت في ذلك من ضمنها الإنسان نفسه، فالفرد منا يسور مناطق من حياته ويجعلها محظورة فلا أحد يجرؤ من الاقتراب منها ولا يستطيع هو مغادرتها والبوح بتفاصيلها حتى وإن كان يعاني،  يبقى هناك ولا يتجرأ حتى بالبحث عن علاج.
 
الخوف والإحراج والخجل والحياء وماذا سيقول الآخرين!؟ إلى أين سينتهي بي الأمر!؟ جميعها دوافع نفسية تشيّد جدارًا عاليًا يمنع الزوج أو الزوجة من الخروج ويمنع الآخرين من الدخول إليهم، فهما يحرصان دائمًا على التكتم على مشاكلهم الأسرية العميقة بل ويخشون الخوض في أحاديث للمشكلة ذاتها تجنبًا لإبداء آراءهم أمام الآخرين خوفًا من أن يعكس رأيه على حياته الخاصة فيفضل أن يبقى بعيدًا.
 
قد يغفل أو يتغافل معظمنا تحت قسوة الأحكام العرفية المسيطرة على طبيعة العلاقة الزوجية، أن الأسرة هي اللبنة الأولى للمجتمع  وأن الرباط الذي يعقد  بين الرجل والمرأة يتجاوزهما ويمتد إلى الأبناء كونهم الدائرة الأقرب ويمر على عدة دوائر ليصل للدائرة الأوسع وهي المجتمع فإن كان سليمًا كان صلاح المجتمع، ومن هذا الفهم وجب إصلاح أي خلل يعتري هذه العلاقة حتى وإن كان صغيرًا وبطرق صحيحة، وعدم التهاون في طلب المساعدة من مكانها الصحيح في حالة الحاجة لذلك، فدفن رؤوسنا في التراب ما هي إﻻ طريقة علاجية يائسة وفاشلة تنتهي بصياغة الحياة الأسرية على التأقلم على وجود ذلك الخلل وكيفية التعايش معه ومع ما يسببه من ألم حتى يصل الحال بالزوج أو الزوجة إلى الشعور بالوحدة، والسنين كفيلة أن تثبت خطأ ذلك بالآثار الناتجة على كل من يرتبط بهذا الخلل من بعيد ومن قريب.
 
من الطبيعي ونحن نعيش تلك الثقافة كمجتمع أن نقرأ مقال معنون بأن (49% من البحرينيات يعانون من الوحدة في حياتهن الزوجية)، وكانت تلك نتيجة لإحصائية نشرت مع مقال تحليلي للكاتب الصحفي محمد عبد الله محمد قام بها من خلال استبيان احتوى على 28 سؤالاً (سأفرد لها وللأجوبة عدة مقالات خاصة) ووزع على عينة قوامها 624 مشاركة.. ومن الواضح أنهن شاركن في هذه الاستبيان لسببين: الأول أنه إلكتروني، والثاني عدم وجود خانة لتسجيل الاسم.
 
بالنظر إلى النتيجة نجد أننا حين نقول ان 49% من النساء البحرينيات يعانون الوحدة فالمحصلة أن هناك خلل تعاني منه 49% من الأسر البحرينية للمشاركات، فعليه لو أننا افترضنا بأن الأسرة الواحدة مكونة من 5 أشخاص (3 أبناء، الأم والأب)
( 310*5= 1550 شخص متضرر) على مستوى الأسر البحرينية للمشاركات.
 
الحقيقة أنها نسبة ضخمة وتأثيرها سيكون كالسيل الجارف على الجيل القادم، فمتى نعي ونقدر بشكل صحيح حجم الضرر من الخلل الناتج من العلاقة الزوجية!؟ متى نستوعب  بأن العلاقة بين الزوج وزوجتة علاقة تكاملية ولتصل إلى الكمال والهدف المرجو منها علينا أن نخضعها لعملية إصلاحية مستمرة ودائمة.. متى نخرج رؤوسنا من جحور الثقافات الخاطئة!!؟ لنبحث ونتحاور في المشاكل العامة في الحياة الزوجية والتي نعاني منها كمجتمع، متى نرتقي بفكرنا وننظر إلى ما يقال بعيدًا عن الحياة الشخصية لمَن قال!؟ لنساهم في البحث والتحليل مع كل من بإمكانه وضع حلول علاجية علمية سليمة كالأخصائيين النفسيين والاجتماعيين فنبني معًا أسرًا قوية تساهم في بناء مجتمع صالح.
 
13 أغسطس 2014

No comments:

Post a Comment