Saturday, August 30, 2014

عدمُ المعرفةِ، طريقُ الجحودِ // محمود سهلان



يتعاملُ الكثيرُ من المسلمين مع الدينِ بسطحيةٍ شديدة، فتراهمْ لا يكترثون بأكثرَ من تأديةِ الواجب، وإنْ لمْ يكنْ بالشكلِ المطلوب، بلْ أنَّ البعضَ لا يكترثُ حتى بأداءِ الواجباتِ المقررة عليه شرعا.

عندما يأتي شهر رمضان نسمعُ البعضَ يقول: أعطيه حقهُ فقط!

وعندما يحينُ وقتُ الصلاة لا نقومُ إلا كسالى.. وما يهمنا هو أنْ نؤدي الصلاة على أي وجهٍ كان، ونمضي فرحينَ لأننا أدَّينا الواجب!

أما الخمس فحدث ولا حرج، فإنَّ شريحةً كبيرةً لا تكترثُ بأدائه، وشريحة أخرى تحاولُ قدرَ المستطاع أنْ تجدَ لها مخرجا شرعيا، أو أنْ تتصرفَ بالمال، كي لا تذهبَ أموالهم سدى حسبما يظنون..

وهكذا الأمورُ تجري في باقي الفرائض، فلا تجدُ من يهتمُ بأداء ما كلَّفه الشارعُ المقدسُ بهِ، بل أنَّ بعضهم يحسبون أنَّ لهم المنة على الله سبحانه، لا العكس، غافلين أو متغافلين عن أنَّ الله هو المنعمُ، وهو المهيمنُ، وهو الذي منحهم فرصةَ الحياة.

يا أيها العزيزُ اعلمْ أنك مطالبٌ بمعرفة ربّك حقَّ معرفته، فإنَّ شكرَهُ واجبٌ عليك، وإذا لمْ تعرفه لنْ تتمكنَ من أن تؤدي واجبكَ تجاههُ، ولنْ تستطيعَ شكرهُ، ولنْ تعرفَ كيفيةَ التعاملِ معه، ولا معَ أوامرهِ ونواهيه.

ما أدَّعيه هو أننا لا نعرفُ الله سبحانه وتعالى، لذلك فنحنُ لا نعرف التعاطي معه، لا نعرف ما معنى عصيانِ أوامره، ولا معنى ارتكابِ ما نهى عنه، وهذا ما يجعلنا نصلُ لحالةٍ من الضياعِ والتيهِ، فلا نعودُ قادرينَ على أداءِ الواجبات كما ينبغي، ولا تركَ ما نهى عنه سبحانه وتعالى.

إذنْ فالمطلوبُ منْ كلِّ مسلمٍ أنْ يسعى لمعرفةِ الله، ومحاولةِ بلوغِ مرحلةِ التوحيدِ الصحيحِ، الخالصِ من أيّ شائبة، فإنهُ هوَ الأصلُ الذي يبتني عليهِ كلُّ الدين، وهو المنطلقُ نحوَ القيامِ بالأعمالِ الصالحة، بل ونحوَ قبولها، فإنَّ العملَ مرتبطٌ بصحةِ المعتقد، ودونَ الاعتقادِ الصحيح فأمرُ قبولِ العملِ والإثابةِ عليه لا يُتصوَّر، إلا برحمةٍ من الله سبحانه.

قالَ تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ). [فاطر: ١٠].

ويفسرُ الكلمُ الطيبُ هنا على أنه المعتقدُ الصحيحُ السليم، فهوَ ما يصعدُ إلى الله، وما يحلقُ به ويرفعهُ هو العملُ الصالح، فتدبَّر أمرك جيدا.

وقالَ تعالى: ‏(إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ…). [العصر: ٣].

وهذهِ الآياتُ وغيرها تربطُ دائمًا بينَ العقيدةِ والعمل، وبينَ الإيمانِ والعملِ الصالح، وهذا ممَّا يوضحُ الإرتباط التامَّ بينهما، فإنَّ العقيدةَ بلا عملٍ لا فائدةَ منها، وإنَّ العملَ بلا عقيدةً لا فائدة منهُ كذلك، فراجعْ مقدارَ معرفتك بالله تعالى، وبأصولِ الدين، كي تتخلصَ منْ حالةِ السلبية تجاهَ أوامرهِ ونواهيهِ جلَّتْ قدرته.

30 أغسطس 2014

No comments:

Post a Comment