Friday, October 31, 2014

الشُيُوعِيَّةُ، وإنْ غَابَ أو (غُيِّبَ) رَسْمُها (1) // محمد علي العلوي

 
 
يتخذ الحضور والأثر الثقافيان في المجتمعات شكلين رئيسيين، فالأول هو الامتزاج الطبيعي بين الوارد والقائم، والمُحَدِّدُ له مستوى القوة الثقافية في المجتمع، فالرجل الغربي لن يترك البنطال والقميص تأثرًا بثقافة الثوب الخليجي، كما وإنَّه باقٍ على لغته وإنْ دخل عليه مليون عربي دفعة واحدة، وعلى العكس تمامًا لو نظرنا إلى سرعة التأثر عند العربي بالثقافة الغربية، وهذا راجع -في نظري- إلى مستوى القوة الثقافية وحال القناعة عند الشعوب.


وعلى أية حال، فالغربي لا يريد للعربي لبس البنطال والقميص، ولكنَّ هذا الأخير يتأثر من تلقاء نفسه، وهو الشكل الأول للحضور والأثر الثقافي في المجتمعات، وقد أسميته: الامتزاج الطبيعي بين الوارد والقائم، وأقصد بمفردة الطبيعي انتفاء القوة القاصدة للتغير، أو فلنقل: إرادة التغيير.


وأما الشكل الثاني، فهو التغيير الثقافي المقصود، وأسميه: طغيان الوارد على القائم عن قصد وإرادة.
 
في الشكلين فإنَّ المجتمعات في حاجة إلى مراجعات ثقافية باستمرار قياسًا وبناءً على ما تمتلك من أصول وقواعد ثقافية عامة تشمل الدين والعادات والتقاليد والأعراف وما شابه، والقصد من المراجعة وتجديدها إنَّما هو للأخذ بما يوافق من الواردات وصَدِّ ما يخالف منها، إضافة إلى ما في ذلك من وقوف على القوة الثقافية للمجتمع وتقييم ما تحتاجه من تنمية ومعالجة وما نحو ذلك.


توصلتُ مؤخرًا لبعض القناعات في الشأن الثقافي وتوابعه من سلوك وفكر ومواقف، وقد وقفتُ في ذلك على ما يحتاج لمراجعات علمية جادة؛ وما لفت نظري أن للنظرية الماركسية الشيوعية -أصلًا وفروعًا- حضورٌ في عمقنا الثقافي، هذا وإنُ كان رسمُ الشُيوعية قد غاب أو (غُيِّبَ) لأسباب هدفية أو تنظيمية معينة!


وفي مرحلة من مراحل البحث اتخذتُ من بيان الحزب الشيوعي (1848م) أساسًا في مجموعة التحليلات والمقارنات، وعلى إثر ذلك أردتُ طرح ما توصلتُ إليه على القارئ الكريم، وكان التردد بين أنْ أنتظم في سلسلة مقالات ثم أُتبِعُها بنص البيان أو العكس، وبالمشاورة مع الأساتذة في مدونة ارتقاء استقر الأمر على إيراد مقدمة يليها نَصُّ بيان الحزب الشيوعي، ومن بعد ذلك تأتي المقالات تباعًا، والسبب الأصل أنْ نتجنب الإيحاءات والإلقاءات النفسية التي قد تؤثر على الذوق الفكري عند المتلقي.


هنا رابط لتحميل البيان على موقع 4shared، وأرجو من المُتَابِع قراءته بعناية ودقة، كما وينبغي عليه تتبع المفردات ومعانيها لتكون الفكرة حاضرة في ذهنه دون تشويش أو انقطاع.


بيان الحزب الشيوعي - 1848م، كارل ماركس/ فريدرك أنجلز
 
 
1 نوفمبر 2014

No comments:

Post a Comment