Friday, October 3, 2014

جولة تفكير في الغضب // ز. كاظم


 
 
كلمة.. موقف.. صوت.. حادث.. منظر..
 
تستقبل ذلك عن طريق حواسك الخمسة..
 
فيفور دمُك كالبركان الهائج في غضون ثواني قليلة جدًا..
 
(... فراغ ...)
 
حمرة وجه.. انتفاخ أوداج.. علو نبرة الصوت.. صراخ.. غضب.. هيجان.. (وربما يصل لحد التعدّي بالجوارح على الآخر(ين)..
 
تُرسل ذلك عن طريق جوارح جسدك..
 
 
ما الذي يحدث للإنسان في تلك اللحظات القليلة التي تتم فيها عملية الاستقبال؟
وما الذي يحدث في منطقة الفراغ؟
ولماذا من الصعب جدًا التحكم في الجوارح في لحظة الإرسال؟
 
 
كانت هذه الأسئلة وغيرها تدور في ذهني على إثر موقف حدث في الأسبوع الماضي.. واستوقفني مقطعٌ من مقال محمد علي العلوي بعنوان "أيديولوجية (الأدلجة والأبستمولوجيا)":
 
"تنكشف أيديولوجية الإنسان من خلال تتبع مجموعة مواقفه الأعم من القول والفعل والسلوك وما يتفرع عنها من نبرة الصوت وعموم الأخلاقيات والعلاقات وما نحو ذلك، فهي كلها معلولة لمركب ثقافي ثم فكري غاية في الدقة والتعقيد، وهو ما يسمى بالأيديولوجيا"
 
نبرة الصوت! وعموم الأخلاقيات والعلاقات!
 
ما دخل الأيديولوجية والمركب الثقافي والفكري في حالة الغضب التي يعيشها أكثرنا حينما يتعرض لموقف يدفعه للغضب؟
 
شكّلت هذه الكلمة من العلوي عصفًا ذهنيًا عندي، إذ لم أستطع أن أهضم هذه الكلمة إلا بعد تفكير مرير (ولا زلتُ أعاني من الهضم).. لم أكن منشغلًا بمرحلة الفراغ التي تحدث بين تلقّي الحدث وبين إرساله، مع أهميتها وضرورة ضبطها، بل كان تفكيري منصبًّا على حالة الاستقبال. لماذا تتولّد هذه الحالة عند الإنسان بمجرد أن يمر عليه حدثٌ ما فيغضب ويثور، بينما نفس الحدث قد لا يؤثر على شخص آخر بنفس المستوى، بل بعض الأفراد لا يتغير مستوى ضغطهم عن ما قبل الحدث!
 
هل القضية لها علاقة بالجينات الوراثية، أم بالتربية، أم لها علاقة بالمحيط الاجتماعي؟ أم هي مسألة فسيولوجية، أم لها علاقة بطعام أو شراب قد يؤثر على حالة الإنسان النفسية والجسدية؟
 
كان تفكيري متوجهًا هنا، لكن كلمة العلوي وجهت الأنظار إلى مكان آخر بعيدٌ جدًا..

الأيديولوجية! ما علاقة المنظومة الفكرية للإنسان بهذه الحالة التي يعانيها الكثير من الناس لا يُستثنى منهم شخصيات لهم وزنهم الفكري!
 
هل هناك علاقة أم أن العلوي لم يُسدّد في كلمته تلك.
 
تعال معي ولنأخذ جولة سريعة إن كنتَ من الأفراد الذين يغضبون بسرعة، ولنسأل معًا هذا السؤال،
 
هل تغضب؟
 
إن كان جوابك: لا، يمكنك التوقف هنا. أما إذا كان جوابك: نعم، فلنواصل الجولة،
 
هل ذلك يعني أن هناك خللًا في منظومتك الفكرية؟
 
إن كان جوابك: لا، يمكنك التوقف هنا. أما إذا كان جوابك: نعم، فلنواصل الجولة،
 
ما هي منظومتك الفكرية حول الغضب؟
 
سؤال يحتاج إلى تفكير منك ولا تأخذ بإجابتي، لأنني مؤمن بأن لكل فرد طريقة تفكير خاصة به يتوصل من خلالها إلى الإجابة التي تشكّل قناعته. أما إجابتي فهي إجابة ناقصة إذ لا زلتُ في طور البحث والتفكير، لكني أطرح أمرين:
 
الأول/ حالة الغضب التي يعيشها الإنسان أساسها فكري. عندما أرى أن الغضب حالة غير سوية عند الإنسان، فإنها تدعوني للتفكر مليًّا في نظرتي للأمور التي تجعل مني أعيش هذه الحالة الغير سوية. فمثلًا عندما أكون في موقفٍ يدعوني للغضب، فبغض النظر عن هذا الموقف، فالمفترض أن تتحرك ذهنيتي في النظر إلى ذلك الموقف بعين الهدوء والحكمة وأسأل نفسي هل حالة الغضب مبررة على هذا الموقف فكريًّا؟ أم أن فكري وتفكيري يهذب حالة الغضب عند استقباله ومن خلال أن الموقف مهما كان لا يستدعي مني أن أغضب.
 
2/ يُقال أن الغضب فقط لله وفي الله، وهذه المقولة لا زلت أفكر فيها خصوصًا أن هناك شواهد قرآنية عن غضب نبي معصوم، يقول الله سبحانه وتعالى:
 
 
بل إن الله سبحانه وتعالى ينسب الغضب له في آيات كثيرة منها:
 
فإذا كان نبي الله المعصوم يغضب، والله سبحانه وتعالى في كثير من الآيات ينسب الغضب إليه، فهل الغضب عند المعصوم راجع لخلل في منظومته الفكرية؟ أم أنه غضب في محله ومكانه فهو غضب لله وفي الله، ولا يمكن أن ينتج عن خلل في منظومة النبي المعصوم الفكرية. أم أنه غضب من نوع آخر ليس من سنخ غضبنا نحن، بل لا يمكننا أن ندّعي أن غضبنا في الله، فقد يكون مجرد لبوس ننسبه لله لتبرير هذا الغضب. لا زلتُ أبحث عن إجابة عن هذا السؤال.
 
 
4 أكتوبر 2014

No comments:

Post a Comment