Thursday, October 9, 2014

العمل المؤسساتي.. ما بين الكادر والمال // محمود سهلان

 
 
من الجميل أن تنتشرَ مؤسساتُ العمل الخيري في مجتمعنا، لما للعمل المؤسساتي من فوائدٍ كبيرةٍ قد لا يتمكن الفرد من تقديمها بنفسه، فالعمل كفريقٍ وبشكلٍ منظّم يعطي نتائجًا جميلةً جدًا، ولا شكّ أنّ الدافع غالبًا يكون خيرًا، والنوايا حسنة، ما يضفي على هذه الأعمال روحًا خاصةً وتألقًا فريدًا.
 
وما دام العملُ جماعيًا سيكون من أهمِ مقوماته - بطبيعة الحال - الكوادر القائمة عليه، فإنّ قوةَ كلّ واحدٍ منهم تزيد العملَ قوة، وضعفُ وتأخرُ أيّ واحدٍ منهم تضعفُ العمل، بالإضافةِ لضرورة توافر العدد الكافي من الكوادر العاملة، فإنّ الكثيرَ من الأعمالِ تحتاج للكم كما تحتاج للكيف، لتظهر حينها بالمستوى المطلوب، ويتحققُ الهدفُ منها.
 
من جهةٍ أخرى تلعبُ القوةُ الاقتصادية للمؤسسة دورًا كبيرًا في نجاحها وتقدمها، وهي من أهمِ مقومات هذه المشاريع، فإنّ هذه المشاريع تحتاج لمكانٍ تخطط وتعمل وتنطلق منه، كما تحتاج لبعض الأجهزة والأدوات، وتحتاج للإعلاناتِ والعملِ الإعلامي، وغيرها من الاحتياجاتِ الضروريةِ للعمل، فإذا لمْ يتوفرْ المال، وكانتْ المؤسسةُ تعاني اقتصاديًا فمن الصعبِ أنْ تتقدمَ للأمام، وإنْ تقدمت سيكون تقدمًا يسيرًا لعدمِ وجودِ الطاقة الكافية للتقدم أكثر، بل أنّ المشروعَ قد ينهار إذا تحرّكت المؤسسة للأمام أكثرَ من طاقتها.
 
ثم إنّ هذه المقومات تحتاج لإدارةٍ سليمةٍ حكيمة، وتحتاج إلى آلياتِ عملٍ مناسبة، والكثير من العوامل الأخرى للنجاح، إلا أنّني اخترتُ المقومين الأوّلَين (الكوادر والقوة المالية) لأهميتِهِما الكبرى حسب تجربتي المتواضعة، ولرغبتي في التعليقِ عليهما، فأقول:
 
تعاني المؤسساتُ الخيريةُ من جهةِ عدم توفرِ الكوادرِ القادرة على دفع العمل للأمام، وذلك لأسبابٍ عديدة، أراها تتمحور حول ما يلي:
 
1- ابتعاد الكثير من المثقفين والمتخصصين عن المشاركة في هذه الأعمال، بل وعدم الاكتراث لحال المجتمع نهائيًا.

2- تجاهل عملية تطوير الكوادر من طرفِ المؤسسات، ومن طرف الكوادر أنفسهم.

3- الجهلُ بأهمية هذه الأعمال ودورها في بناء المجتمع.
4- ضعف ثقافة العمل المنظم الموجّه نحو أهدافٍ معينة، وضعف ثقافة العمل الجماعي، حتى أنّ البعض يعملُ فرديًا وسطَ المؤسسة.
5- أنانيةُ بعضِ العاملين في هذا المجال، وعدم السعي لاستقطابِ الكوادر العاملة من الشباب خصوصًا.
 
أمّا فيما يخصُ القوة المالية والاقتصادية لهذه المؤسسات فهي ليستْ بأفضل حالٍ من سابقتها، ولكنّ العاملَ الرئيسي هنا حسب ما أراه هو الاعتمادُ على التبرعاتِ والصدقات، وعدمِ التحولِ ولو تدريجيًا للإعتماد على الذات، والأخير وإنْ كانَ لا يخلو من صعوبة لكنه ليس مستحيلًا، بل هو ممكنٌ جدًا، فما الدّاعي لاستعجالِ العمل دونَ تحقيق مقدماته، وإرساء دعائمه؟
 
لذا كنتُ ولا زلت أدعو للتخلصِ من الاعتمادِ على التبرعات فقط، بل التحولِ للاعتمادِ على ذات المؤسسة وأعضائها حتى لو طالَ الزمن، فإنّ مجرد تحقيق ذلك يعد إنجازًا كبيرًا من وجهة نظري. أمّا فيما يخص الكوادر، فإنّ لمْ تحاول جذبَ الناس للعملِ معك - وإنْ كنتُ لا أتفق معك - فاعملْ على تطويرِ الكوادرِ الموجودةِ معك الآن، وذلك متيسرٌ للجميع، ومن أفضل طرقه إعداد ورش عملٍ دوريةٍ يشارك فيها جميع العاملين بالمؤسسة.
 
أختمُ بدعوةِ كلِّ قادرٍ على دعمِ هذه المشاريع ولو بكلمة شكر أن لا يتردد في ذلك، فإنّ هذه الكلمة ستكون بمثابة الوقود المحرك لهؤلاء العاملين.
 
 
7 شعبان 1435

No comments:

Post a Comment