Friday, October 10, 2014

مقص الأرحام // محمد يوسف العرادي



 

يقول الإمام الرضا عليه السلام: صل رحمك ولو بشربة من ماء ، وأفضل ما توصل به الرحم { كف الأذى عنها } وقال في كتاب الله : { ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى } سورة البقرة الآية ٢٦٤ 
 
بلا شك أن صلة الأرحام لها من الفضل العظيم والفوائد الجمة التي تعود بالنفع الدنيوي والأخروي، فالروايات الواردة عن أهل العصمة والطهارة، قد أكدت على صلة الأرحام فهي تدفع البلاء، وتزيد في الاعمار، وتزيد في الأرزاق، فكم للإنسان من نسب وسبب يعتبر الحبل بينه وبين الجنان، ولو استثمر هذا الحبل جيدًا فلن ينقطع به. ولكن للأسف فإن هناك من يظهر وده وصلته برحمه أمام الناس رياءً ليكسب محبة الناس. فكم من علاقة ظاهرها صلة الأرحام والإصلاح ما بين الناس والأهل، وباطنها إشعال الحطب الجزل وزيادة النار، و ليلتذ من بعيد بمشاهدة الدمار والخراب ليشبع شهوة بداخله.

صلة الأرحام درجات وأفضلها {كف الأذى عنها}. لو كنت ذو منزلة في قومك وعرف عنك التقوى والورع الظاهري (اللهم إنَّا لا نعلم من ظاهره إلا خيرًا) وتصدرت جماعة الإصلاح ما بين ذات البين، فلا يكن همك إلا الإصلاح وإظهار الحق، ولكن للأسف فإن من يصلح يُفسد. فكم من أُسر قد تشردت وعاشت الفقر، وأهلها يتفرجون مملوءة بطونهم وبطون أطفالهم لا يهمهم غير أنفسهم قد أعشى أبصارهم حب المنصب والجاه، {وإذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وإن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}.
 
والنماذج في مجتمعنا كثيرة والأذى متنوع فليس شرطًا أن تؤذي بيدك، فلسانك وعونك على الظلم عند الله كبير. ولا بأس بسرد نموذج لعائلة قد ظلمها رب أسرتها وفرّق بين أولاده، وبعد الإمعان في الظلم ومرور السنوات وبعد أن كبر الأبناء، اعترف طرف من أطراف الإصلاح الظاهري في الأزمنة السابقة وفي لحظة أنطقه الله فيها فقال (أنا الذي حرضته على أن يمتنع عن الإنفاق على أبنائه). والغريب أنه كان يتجلبب بجلباب الإصلاح. لقد عرفت صلة الأرحام بالخير والصلاح وأهمل الجانب الآخر وهو أذى الأرحام، فالإمام الرضا عليه السلام أراد إصلاح المجتمع وتطهيره من هذه السلوكيات القاتله المدمرة ليصلح المجتمع ويتماسك ليصبح كالبنيان المرصوص.

ويجب أن يعلم كل مؤذي لرحمه أن هناك أطفال ستكبر ولن تنسى الظلم والأذى. وأن هناك من لا تحتجب عنه دعوة المظلوم. ولا بأس بذكر قصة حدثت لشخص كان والده يظلمه ويظلم والدته، ففي يوم من الأيام اتصل له شخص يعرفه وهذه الحادثة وقعت بعد وفاة أبيه، فقال له هل والدتك غير راضية على أبيك؟ فقال له ولِمَ؟ قال إني رأيت رؤيا أن أبيك قد أُحضر في مجلس غاص بالناس وهو مكفن وقد مُلِأَ المكان من ريحته النتنة، فتسأل الناس فقيل لهم أن تغسيل هذا المتوفى متوقف على أخذ الإذن من امرأة ولا يفسر ذلك إلا بظلمه لزوجته. إن عمر الإنسان قصير وأعماله كثيرة ولا تغادره، والحياة البرزخية مرتبطة بما قدمنا في هذه الحياة.. إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

فلا تكن ممن يحمل مقص الأرحام فتقطع هذا الحبل بظلم أو قطيعة بل صله بكل وسائل الاتصال ولا تكن عونًا في ظلم أحد من الناس.


11 أكتوبر 2014

No comments:

Post a Comment