Friday, October 24, 2014

كالتي نقضت غزلها // أم حنين

 

فكر، وقرر وسعى جاهدًا لترتيب الإجراءات اللازمة للذهاب إلى الحج ووفقه الله لما سعى.. ودّع أهله وأقاربه وجيرانه وأصدقاءه وطلب منهم براءة الذمة فهو ذاهب لأداء فريضة الحج ولا يريد أن يذهب وذمته محمّلة بحقوق للآخرين مهما كان نوعها.

أحرم، وقف في اليوم المشهود، يوم الاعتراف بالخطايا وغفران الذنوب ويوم تجديد العهد عند الله بوحدانيته (عن الإمام الصادق عليه السلام: "واعترف بالخطايا بعرفات، وجدّد عهدَكَ عندَ الله بوحدانِيّته".)، جمع الحصوات ليدخل في مرحلة الصراع بين الحق والباطل، ورمى الجمرات بكل ثقة فالشيطان يقف أمامه ذليلًا وحقيرًا لا حول له ولا قوة، ومن ثم ذبح الاُضحية في يوم عيد الأضحى (عن الإمام عليّ عليه السلام: "لَوْ عَلِمَ النّاس ما في الأُضْحِيَةِ لاسْتَدانُوا وَضَحُّوا، إِنَّهُ لَيُغْفَرُ لِصاحِبِ الأُضْحِيَةِ عِنْدَ أَوّلِ قَطْرَةٍ تَقْطَرُ مِنْ دَمِها")


وبدأ بحلق شعره الذي كان يتباهى به ويحافظ عليه فهو يريد أن يتخلص من كل ما هو متعلق بما قبل هذا اليوم، فيتساقط شعره على الأرض وتتساقط معه كل ذنوبه ليعود كما ولدته أمه إن شاء الله نقيًا طاهرًا.

أنهى أعماله وحَلّ من إحرامه وكأنما بذلك حَلّ من كل ما هو مرتبط بهذا الإحرام، فكما لبس الإحرام عاد ليلبس ثياب الدنيا، وكما جمع الحصوات الصغيرة الرخوة ليرجم بها الشيطان بدأ بجمع الحصوات الكبيرة والقاسية وحادة الأطراف ليرمي بها هذا وذاك، فهذا فعل وذاك لم يفعل، وهذا أخذ وذاك لم يعطِ، وهذا كذا وذاك كذا، ولم يسلم أحد من حصواته الجارحة فأصاب بها من أصاب، وجرح من جرح وأدمى من أدمى وكان كمن قال الله تعالى (كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا)، ونسي أو تناسى بأن الحج ليس رحلة سياحية، أو نزهة ترفيهية، أو واجب ملزم هو بأداءه وانتهى، بل دورة تربوية ونقطة تحول يؤهل فيها الإنسان نفسه لتغيير حياته والانطلاق نحو حياة جديدة طاهرة ونقية من الذنوب.


تقبل الله أعمالكم وغفر لكم ذنوبكم وجعلنا الله وإياكم من الحجيج وليس من الضجيج كما قال الإمام الباقر صلوات الله عليه (ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج).
 
 
25 أكتوبر 2014

No comments:

Post a Comment