Friday, October 10, 2014

حملات النصب.. ووعاظ السلاطين // إيمان الحبيشي


 
جمعتهم الصدفة البحتة في حملة واحدة حين عزموا على حج بيت الله في هذا العام..
قرابة الـ50 فردًا اختاروا - وثقة في شخصيات من منطقتهم أو من معارفهم - أن يسجلوا ضمن الحملة.. السؤالان الوحيدان اللذان توجه بهما هؤلاء الأشخاص لها كانا حول امتلاكها لترخيص رسمي قانوني لتسيير الحجاج لمكة.. وحول توفر الإرشاد الديني الثقة لضمان سلامة مناسك الحج..
وتأكدوا من إضافتهم كحجاج عبر دفع مبلغ وقدره 1400 دينار لوسطاء لم يذكروا أنهم (لا ينتمون للحملة بشكل رئيسي) بل متعهدين بإلحاق المجموعة بالحملة بمجرد وصولهم لمكة ثم نقلهم ورعايتهم في المدينة المنورة!!
 
حين بدأ حجاج البحرين بالتوافد على مكة ومع صدمة إعادة الكثير منهم ومنعهم من دخولها، استبد بهؤلاء الخوف فصاروا يتساءلون ويستوثقون ويلحون بالسؤال حول سلامة إجراءات تسجيلهم.. ورغم كل التأكيدات بسلامة تسجيلهم كحجاج إلا أنهم مُنعوا من دخول مكة المكرمة عند منافذها لعدم امتلاكهم لملصقات تثبت كونهم حجاج مصرحين بعد مرورهم بمطار الرياض والطائف بسلام.. وعن طريق المنافذ البرية لمكة وبشكل فردي تمكن المتعهد بهؤلاء الحجاج من (تهريبهم) لداخلها بعد نزعهم لإحرامهم وترك كل مايتعلق بالحج من مستلزمات خلفهم.. صدمة هذه المجموعة لم تقتصر على يوم ونصف من المتاعب في محاولة الدخول بل امتدت حتى آخر لحظة لهم على الارض المقدسة..
فلا إرشاد ديني توفر إلا شفقة من المرشد الرئيسي للحملة والذي لم تره المجموعة إلا أثناء المحاضرات وفي رحلة رمي الجمرة الاولى!!
ولا كادر يأخذهم لأداء المناسك ولا خدمات أو رعاية صحية. الطواف لعمرة التمتع كان بإرشاد ديني لطالب علوم دينية جاء حاجًا لأول مرة في حياته، والتنقلات عبر القطار في المشاعر كان أيضًا عبر مواراة تلك المجموعة بعمق مجموعة أخرى كانت لها امتيازات الحجاج بفارق 200 دينار دفعوها ولم تُطلب من الخمسين فردًا موضوع مقالنا!
 
أما خيام المبيت في منى والتنقل منها لأداء طواف الحج ثم العودة لرمي الجمرات فكارثة إنسانية بحتة!! فحتى قوارير الماء كانت عصية على التوفر لهم بعد أداء كل منسك.. وبعد سقوط عدد من النساء مغشيًا عليهن أثناء رمي الجمرات، اضطر الشباب لالتقاط قوارير من الأرض وغسلها ثم إعادة شحنها من خزانات المياه المتوفرة على مسافات بعيدة ومتفرقة أو إعادة شحن القوارير التي تشبث بها أصحابها!!.. المرتان الوحيدتان اللتان استشعر فيها الحجاج الخمسون الرعاية كانت وهم متوارون في المجموعة التي استحوذت على كل الامتيازات وكل سبل الراحة!
لم يكن الأغرب هو تعرض الحجاج للنصب والإهمال بل والتلاعب بالأرواح مقابل ربح كان يفكر فيه أصحاب تلك الحملة.. بل وجدتُ الأغرب من ذلك هو إصرار البعض على (غفر) ذنب أصحاب الحملة، وخفض الأصوات المطالبة بمحاسبتهم بل والامتناع تمامًا عن التلويح حتى بتقديم شكوى رسمية ضدهم (حتى لا يتم قطع أرزاقهم)، وهذا البعض متضرر تمامًا ومستاء جدًا مما حصل!!
 
كان الحديث عن الصبر على البلاء كعبة يطوف بها البعض حتى تُقبل حجتهم وترتفع لبارئهم.. وكان (النصب والاحتيال واللعب بأرواح الناس) سيئة من الضروري أن تقابل بحسنة! أما المعروف الوحيد الذي يجب أن يدفع باتجاهه فهو (الصبر) والمنكر الوحيد الذي وجب دفعه كان (الجدال)!!
 
أعرف تمامًا كيف كانت نوايا هؤلاء بيضاء كقلوبهم النقية، لكني وجدتُ أن نتائج مطالباتهم تدفع باتجاه أن يواصل المتجاوز تجاوزه.. فمن أمن العقوبة أساء الادب حتمًا..  لا يمكن أن نمر على التخلي عن مسؤولية ما يقارب الخمسين إنسان بين شاب وكهل بين معافى ومريض بل وحامل أيضًا تحت ظروف لم يختبرها أغلبهم دون رعاية طبية بل دون ماء!! لازلت أدخل في حالة صدمة كلما تذكرت كيف ترك صاحب تلك الحملة والمسؤول عن إدارتها خمسين شخصًا في لهيب شمس أرض منى دون ماء إلا ما حملوه في أيديهم أثناء خروجهم من الخيام لرمي الجمرات بينما كانوا يمشون مسافات طويلة جدًا!! لازلتُ مصدومة بينما أتذكر كيف تساقط عدد منهم من شدة حرارة الشمس ومشقة عملية الرمي دون مرشد ديني إلا من طالب العلوم ذاته والذي سقط مغشيًا عليه كذلك، بينما طبيب وممرضة الحملة في الخيمة مع المجموعة الأخرى!!
 
نحاول كثيرًا أن ندافع عن الحق أمام سلطان جائر.. وندفع كثيرًا باتجاه رفض الظلم من متجبر فاجر.. لكن لا بأس أن يسود الظلم بيننا؟ لماذا نصر على ممارسة دور وعاظ السلاطين ونحن مكتسين بنوايا ملائكة؟ لماذا نربت بيد التراجع والاستكانة على كتف من أنهكه ظلم أخيه بدل أن ندفعه باتجاه أن يرفع الظلم عن نفسه.. أن يرفعه فحسب دون أن يتسبب بسقوط من ظلمه حتى!!
 
إن عملية المحاسبة عملية راقية جدًا.. لم توجد في الكون عبثًا!!
ألم يصرح الله بأن لكم في القصاص حياة؟!
ألم توضع القوانين للالتزام بها؟ وبحسب أهمية القانون وبحسب خطورة تبعاته توضع عقوبة مخالفيه؟ لا نتحدث هنا عن عدم توفير سكن قريب أو وسيلة تنقل باردة.. بل نتحدث عن أبسط حق لإنسان كان بينه وبين الحملة التي اختارها عهد بحفظ حياته وسلامته ومناسكه! نتحدث عن توفير علب ماء لحفظ حياتهم بينما وفرت الحملات الأخرى لحجاجها أثناء أداء مناسكهم الماء والسكريات!!!
 
لست ضد مبدأ العفو.. لنعفو عمن أساء وظلم لكن بعد أن نتأكد أن ظلمه لنا لن يتكرر مع آخرين وإلا فنحن اعتدينا على حق الآخرين بعد تخلينا عن مبدأ أصيل من مبادئ الإسلام هو ( النهي عن المنكر)!
 
أمران أوقعا هذه المجموعة في تعقيدات كان يجب أن ألا يتعرضوا لها وعلى كل من نوى حج بيت الله في الأعوام المقبلة أن يلتفت لها:
 
الأول: إخفاء معلومات مهمة عن المجموعة من قبل الوسطاء الذين لم يخبروا الحجاج بأنهم وسطاء لا ينتمون للحملة الرئيسية وبأن المجموعة ستلتحق بالحملة في مكة فحسب!
 
الثاني: النصب والتمييز الذي مارسته إدارة وكادر الحملة ضد هذه المجموعة عبر فرزها عن بقية حجاجها في تخلي سافر عن اتفاق الحملة مع الوسطاء برعاية الحجاج رعاية كاملة على أرض مكة مقابل أكثر من ألف دينار عن كل حاج!
 
حق وواجب أن نتحدث عن حق تمت إضاعته..
حق وواجب أن نُشعر كل فرد وكل مؤسسة في المجتمع أن هناك عاقبة للتجاوز.. وأن حقوق الآخرين لها قداسة لن نسمح بأن تُداس أيًّا كانت الجهة التي سلبت تلك الحقوق وتحت أي مبرر.
 
 
11 أكتوبر 2014

3 comments:

  1. اختي الكريمة
    ارجوا منك ذكر اسم الحملة لكي لا نقع نحن في السنوات القادمة في جشع صاحب الحمله ولكي لا تتكرر مأساتكم معانا او مع حجاج آخرون

    ReplyDelete
  2. السﻻم عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد اختي الكريمه بعد اﻻطﻻع على ما ذكر في الموضوع الدسم الذي قمتي بكتابته اني أحب أن أضيف بعد المﻻحظات لعلها توضح المسألة أكثر وأستطيع أن أضع النقاط على الحروف . في البدايه انا كنت حاج معكم في نفس الحمله ولكن مع المجموعه التي سجلت مع الحمله مباشره اي من غير وسيط . للعلم انه كان هناك اتفاق بين الوسيط وصاحب الحمله وهو أن يعزل مبلغ من المال لكي يوفر الوسيط للمجموعة الثانيه سكن في المدينه المنوره وأيضا كادر ومرشد مع العلم بأن صاحب الحمله يتحمل مسؤولية المجموعه في السكن من إرشاد ومحاضرات الي يوم عرفه فقط وبعدها يقوم الوسيط بتوفير إرشاد خاص لتكملة مناسك الحج مع المجموعه . ثانيا عندما ايقنتم ان المجموعه الثانيه قد هضم حقها لم لم تلجئو إلى الوسيط وتطالبو بحقوقهم كونه هو الذي اتفق مع صاحب الحمله ولكن سكوتكم يجعلكم تتحملون جزء من السؤليه على ضياع حقوقهم . هناك سؤال يطرح نفسه وهو. هل ما قام به الوسيط كان لوجه الله أم هناك مأرب أخري بمعني أوضح كم دخل في جيب الوسيط . ثقي تماما اختي الكريمة أن إرشاد الحمله لم يقصر معكم قط ولكن هناك أمور قد خفيت عنكم وانتم لم تقومو بالمطالبة . في النهايه اتمني اني وفقت في طرحي للموضوع حتى تستوضح اﻻمور للمتابعين وشكرا

    ReplyDelete