Friday, October 31, 2014

ما هي المعرفةُ المطلوبة؟ // محمود سهلان

 
 
 
رُوي عن أبي عبد الله الصادق (ع) أنّه قال: (زوروا الإمامَ الحسين (ع) ولو كان كلُّ سنة فإنّ كلَّ من أتاه عارفًا بحقِّه غيرَ جاحد لم يكن له عوضٌ غير الجنة).
 
وعنه (ع) أنّه قال: (مَن أتى الإمامَ عارفًا بحقِّه كتبه الله في أعلى علّيين).
 
وعنه (ع) في رواية أخرى: (مَن أتى قبرَ الحسين (ع) عارفًا بحقِّه كان كمن حجّ مائة حجة مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم).


وعن أبي الحسن الرضا (ع) : (ما زارني أحدٌ من أوليائي عارفاً بحقي، إلا تشفّعت فيه يومَ القيامة).


هذه الروايات تتحدثُ عن المعرفة، معرفة الحسين (ع)، أو معرفة الإمام الرضا (ع)، أو غيرهما، وعن فضل زيارتهما وغير ذلك.
 
فما هي نوعية هذه المعرفة؟
 
بالطبعِ هي ليستْ معرفةُ الاسم ولا الهوية الشخصية، ولا متى وُلد ولا متى استشهدَ أو انتقلَ إلى جوارِ ربِّه، فكلُّ هذا لا يغير شيئًا على الأغلب، لذلك أقولُ بأنّ المعرفةَ المطلوبة، هي معرفةُ معتقداتِ هذا الشخص، وسيرته، وسلوكه، وفكره، وأخلاقه، وكلِّ ما يتعلق بحركته في المجتمع، ولكنّ هذا ليس كافٍ أيضًا إذا لم يتحولْ لسلوكٍ وعملٍ في حياتنا، فما فائدةُ ما عرفته عن هذه الشخصية إذا كنتُ لا أتّبع ما يقول وما يفعل؟ وما فائدةُ المعرفةِ إذا حُبست داخلَ الشخص دون أنْ يحوّلها لواقعٍ عملي وسلوكي؟


لا فائدةَ من هذه المعرفة ما لم تتحول لسلوكٍ في حياتنا، ما لم نجعلْ أمثالَ هؤلاءِ قدوةً لنا، فالمعرفة بصدقِ الحسين (ع) ـ مثلًا ـ ما لم أقتفِ أثره وما لم أكنْ صادقًا، ماذا سأجني حينها؟


فالإنسان يجدُ الجزاءَ على عمله، فإنْ كان خيرًا أُثيبَ عليه، وإنْ كان شرًا عُوقبَ عليه، لذلك فالمعرفة التي لا تستبع عملًا صالحًا، لا رجاءَ منها.
 
المطلوبُ منّا، هو معرفةُ مقامِ هؤلاءِ، ومنطلقاتِهم الفكرية والأخلاقية والسلوكية وما إلى ذلك، ثم مشايعتِهم واقتفاءِ آثارهم المباركة والسيرِ على هديهم، ومن هنا أقولُ بِمجردِ أنْ تُسمّى شيعيًا دونَ عملٍ لا يكفي، وقد قالَ الشهيد الثاني في متنِ اللمعةِ (الشيعةُ من شايعَ عليًا)، والمشايعةُ تعني المتابعة والاقتداء.
 
 
٥ محرم ١٤٣٦ هـ

No comments:

Post a Comment