Friday, October 17, 2014

لا للإتكالية.. نعم للتعاون // محمود سهلان

 
 
بعض الناس اعتادوا الاتِّكالَ على غيرهم، حيثُ تجاوزت حالةُ الاتِّكالِ على الغير حدّ الإفراط، فيرمون بثقلهم على غيرهم، حتى أنّهم يجعلونها من مهامِّ الغير، فنرى البعض عاجزًا عن أن يقوم من مكانه ليشربَ الماء، بل يطلب ذلك من غيره دائمًا.


بعض الرجال على سبيل المثال، يرمون حِملَ التربية كلِّها على الأم، وكذلك حمل المنزل ومتطلباته، حتّى صارت الأمهات تُربي، وتَكنسُ، وتَغسل، وتشتري حاجياتِ المنزل، وتتابع الأولادَ بالمدارس، وتعلِّمهم، وتأخذهم من وإلى المدرسة، وقدْ يعاقبون هؤلاءِ على أيّ خللٍ أو تقصيرٍ حسب ما يرون هم، متغافلين عن أنّ هذه الأعمال ليستْ من واجبات المرأة شرعًا، لذلك فما تقدّمه هو خدمة لهم.


المثالُ السابقُ وغيره يتكرّر كثيرًا في واقعنا، فلا يكتفي أحدنا بالتراخي والكسلِ عن أداء مهامّه وأعماله، ولا بالاتكالِ والاعتمادِ على الغير، بل يتنصّل منها ويجعلها واجبةً على غيره! خصوصًا إذا وجد الطرف الآخر قد تقلّد هذه المهام، وكأنّها فعلًا مهامُّه وواجباته.


أنا لا أقول أنْ لا تتعاونوا، فهو أمرٌ جيد، ولكنْ أنْ تحمل أكثر من طاقتك، فليسَ في ذلك مصلحة، والتعاون منكَ يتطلّبُ تعاونَ الطرفِ الآخر، فلو كنتَ تستطيع أنْ ترفعَ أربعينَ كيلوغرامًا، هل يصحّ أنْ ترفعَ ستّين كيلوغرامًا؟


لا أرى ذلك أمرًا صحّيًا، فلا بدَّ أنْ أرفعَ ما تستوعبه قدرتي.
 
إذًا فالمطلوب حسبما أرى، أنْ لا نُفْرِطَ حدّ الاتّكال، بل نتعاون في حدودِ قدراتنا وطاقاتنا، بما يقودنا لبرِّ الأمان، وبما يمكّننا من أداءِ واجباتنا على أكملِ وجه، مع الحفاظِ على طاقاتنا من الخلل والمرض.
 
 
٢٢ ذو الحجة ١٤٣٥ هـ

No comments:

Post a Comment