Friday, October 17, 2014

عيدُ الغدير.. وفشل النظام الدّيمقراطي // أبو مقداد

 
 
حادثة الغدير الشهيرة، والتي شهدها -كما يذكرُ المؤرخون- أكثر من مئة ألف رجلٍ مسلم، وجميعهم سمعوا وصيّة النبي التي أكملَ بها دينهم، "من كنت مولاه.. فهذا عليٌّ مولاه" سمعها جميعهم، وكانت الرسالة واضحة جدًّا مفادها، أني أنا محمدٌ رسول الله مولاكم، لم يتم اختياري من قبلكم بل تنصَّبتُ رسولًا عليكم من إرادة ومشيئة الله، وأنا الذي لا أنطقُ عن الهوى أنقل لكم إرادة ومشيئة السماء مرةً أخرى بتنصيب عليّ ابن أبي طالبٍ مولىً لكم، تبايعوه وتوالوه.


ولما استشهد نبيّ الرحمة محمدٍ صلى الله عليه وآله، وأثناء انشغال الإمام علي عليه السلام بتجهيزه للدفن، كانت مؤامرةُ السقيفة التي نسفت وصية النبي وضربت بها عرض الحائط، ولم تعترف بتنصيب النبي ولا بتعيين السماء للخليفة بعد النبي. فترشّح للانتخابات آنذاك جمعٌ من زعامات قريش، من بينهم عبدالله بن أبي قحافة المعروف بأبي بكر. وأجمع المسلمون تقريبًا على انتخابه والتصويت له، فأصبح الخليفة على المسلمين، وعُطّلت بطريقة ما إرادة السماء!
 
نظريًا، فإن فوز الخليفة الأول هو فوزٌ ديمقراطيّ، حيث أنه نال النسبة الأكبر من الأصوات آنذاك، ومن يحصل على أكبر نسبة تصويت يكون الفائز بين المترشحين، بغض النظر عن رأي الأقلية وبغض النظر عن الكفاءة وعن كل الإعتبارات، ومن بقي مع الخليفة الحقيقي المُنَصّب من السماء علي بن أبي طالبٍ، لم يتجاوز الأربعة من أصحابه، مع أهل بيته. لذلك فديمقراطيًّا، الإمام علي لايستحق الخلافة فضلًا عن أن عليًّا لم يترشّح لانتخاباتهم وشوراهم أصلًا!
 
والغريب في الأمر أن انتخابات السقيفة التي نزعت حقّ الإمامة من صاحبها أبي الحسن، هي ذاتها من اختفت حين انتقلت الخلافة للخلفاء اللاحقين.. مما يجعلنا في حيرةٍ استنكاريةٍ أصلًا.. هل الشورى هي الأجدى؟ أم أنها كانت حجّة لنزع الحق من صاحبه وحرف مسار الولاية التي أرادها الله؟
 
ما أفهمه واستنتجهُ من هذه المعادلات جميعها، أن الديمقراطية فكرة دخيلة على الإسلام، تم اقحامها في النظام الإسلامي لحرفِ مساره عن المسار الصحيح الذي أرادهُ الله له، والتعويض عنه بنظام البشر القاصر، وما الديمقراطية إلا تمرّد البشرية على حكم الله، واللجوء لحكم أنفسهم بأنفسهم.


لا يعني ما أقولهُ بأن الانتخابات مبدأ مرفوض من أساسه، ولكن له قواعده ومبتنياته وفق الشريعة الإسلامية، وحسب التنزلات اللازمة التي يقررها فقهاء المذهب.


هناك إشكالٌ قد يُثار، إذا كانت الديمقراطية غير إسلامية، فالإسلام غير ديمقراطي، فهل الإسلام دكتاتوري؟
أقول: صحيح بأن الدكتاتورية هي النقيض للديمقراطية، ولكن المغالطةُ تقع في حصر الأنظمة الممكنة بين الديمقراطية والدكتاتورية، فأنت إن لم تختَر الديمقراطية كخيارٍ لك، فأنت دكتاتوريٌ بشكلٍ تلقائي حسب تصنيفهم، والصحيح، أنه كما أن هناك نظامًا ديمقراطيًّا، نحنُ المسلمون نملك نظامًا إسلاميّا جئنا بها من السماء منحة من الله إلينا، فالمسألة أولًا ليست حصرًا، وثانيًا أن مروجي الديمقراطية هم أنفسهم صُنّاع الدكتاتوريات لترويج خيارهم الأول وإيضاح أفضليته. ولو عدنا للخلافة، سنجدُ أن الديمقراطية التي نادى بها الأولون، هي من صنعت الدكتاتوريات التي تعاقب في حملها الحكم الإسلامي، ولأننا - الشيعة - تحررنا في البدء من الديمقراطيات الدخيلة على الإسلام، لذلك فإن حكم الشيعة في أي بقعة في الأرض وفي أي زمان فلن يلجؤوا للدكتاتورية أو الديمقراطية، فالنظام الإسلامي هو خيارنا وهو جديرٌ بتنظيم وقيادة الحياة بأكملها.


هناك مخطط شرسٌ إعلاميّ قديم، في إظهار أن حكم الأديان فاشل دكتاتوري مستبد، كإقصاء الكنائس من حكم أوربا، وتمكين السعودية من البطش والجبروت، وغيرها من الأمثلة على مر التاريخ، وهذا كله للترويج لخيارهم الذي هم لم يلتزموا به أصلًا! 
 
والجدير بالذكر، أنّ فشلَ أحدٍ ما في تطبيق نظريةٍ ما، لا يعني أبدًا فشل النظرية، إنما قُصورٌ من مُطبّقيها!
ولو جئنا لتطبيق دولة أمير المؤمنين اليوم، سنواجه إشكالية كبيرة بسبب اختلاف الظرف الزمكاني، لذلك فهناك أنواعٌ عدّة من الأنظمة الإسلامية، التي بإمكانها حكم البلدان، دون اللجوء لخيارات الديمقراطيين!

إذًا.. فالديمقراطية هذه هي من حاربت خطبة الغدير وتفاصيلها، وهي من ضربت الإسلام في عمقهِ وحرفتهُ عن مساره.. منذ يوم السقيفة لليوم.. فهل يمكن أن تكون الديمقراطية هي الخيار المُنقذُ للشعوب؟
 
 
18 أكتوبر 2014

No comments:

Post a Comment