Friday, January 16, 2015

حلوٌ و مرٌ في آن // راحلةٌ يومًا ما

 
 
كنتُ أغطُّ في سُباتٍ عميق ذات ليلةٍ، وعندما صحوتُ من نومي رأيتُ موطني قد أنفض القيظ من جناحيهِ، ونهض شامخًا بهامته الشتوية مستعرضًا أبهى حُلّتهِ من بردٍ ورياح.
 
ب،ح،ر،ي،ن حروفٌ تناغمت فيما بينها، ونسجت كلمة موطني. هذا اليوم كان ميقاتًا مهمًا بالنسبة إليّ، فأنا التي قد بنيتُ لي حُلُمًا وقد عاينتهُ الآن واقعًا حلوًا مرَّ المذاق.
 
سآخذكم في موجزٍ لرحلةٍ خضتها في غضون الأشهر الأربعة المنصرمة حينما حاكت لي السماء ثوبًا جديدًا لم أعتد خوضه من قبل.
 
لا بد للإنسان من بذل أقصى طاقاته في سبيل بناء مستقبلٍ يزهر وطنه، ويسقي به أجياله جيلاً تلو الآخر، وها أنا ذا قد خططتُ حُلمي منذ نعومة أظافري في أن أكون معلمةً ملهمةً لعقول الصغار، وخلال الأشهر القليلة الماضية عانقتُ حلُمي بعد طول انتظار، وخضتُ معترك هذه التجربة التي بدت صفحاتها أمامي كزهرةٍ متفتحة. كنتُ مع تلميذاتي تجمعنا غرفة تعلّم واحدة، عايشنا لحظاتها الجميلة بتعلّم أصول العربية التي لهج بها لسان أجدادنا وتبلورت في شعرهم منذ القدم. لا أنكر أنها تجربة حلوة المذاق علّمتني كيف أتعامل مع الصغار ممن هم دون الخامسة عشر عامًا. لقد تعلّمتُ أن شخصية المعلم لا بد أن تكون مختلفة عن طبيعته الاجتماعية بين الناس، إذ لا بد أن يكون المعلم حازمًا كي يقود السفينة ويمتثل الآخرين لإرشاداته، بيد أن عليه أن لا يتخلى عن إنسانيته ورحمته وتعامله بشفقة مع هؤلاء الأطفال في المواقف التي تستدعي ذلك. على المعلم أن يكون حكيمًا متوازنًا في تعامله مع تلاميذه، فيستخدم أسلوب الحزم عندما ينفرون عن الطريق الصحيح، ويستخدم أسلوب الرأفة بهم عندما تهاجمهم الظروف الصعبة.
 
هذه التجربة لا أنكر حلو مذاقها، إلا أنها مرة في الوقت ذاته إذ علينا نحن المعلمون أن نشقّ طريقًا محفوفًا بالمسؤوليات العديدة التي تكاد تلتف حول أعناقنا، لأهميتها. كما يكلّف المعلم بأمور عديدة أكاديمية رسمية توثيقية تزيده حِملاً مع أثقاله التدريسية.
 
وفي الختام أرسل تحيةً ممزوجةً بعبق المحبة والاحترام لكل معلم ومعلمة ضحوا بأوقاتهم في سبيل رفعة الوطن ببناء أجياله القادمة التي تصنع اليد العاملة في سوق العمل في وطننا البحرين مستقبلاً. وعسى الله تعالى أن يوفقكم لجني ثمار جهدكم وكدكم بنتائج عالية لطلابكم في الفصل الدراسي الأول، وأن تتوّج أحلامكم برؤية مولاكم صاحب الزمان المعلم المنتظر والمهدي صاحب الزمان.
 
 
17 يناير 2016

No comments:

Post a Comment