Friday, January 30, 2015

كاوست، تعالي يا ماما // أم علي

 

هل تعتقد أنَّنا خُلقنا أشتاتًا مختلفين متمايزين فقط لنتعارف؟
 
أنا لا أعتقدُ ذلك.. فلفعل الخالق أبعادٌ كثيرةٌ، قد ندركُ بعضها ولكن ليس كلَّها..
 
الناسُ فوائدٌ، تمشي على الأرض، وتجلسُ على المقاعدِ وتفترشُ الطرقات وتنامُ على الأسرّةِ وتملِكُ العروشَ..
 
تُكسِبُنا الكثيرَ، ونحنُ نكسِبُها كذلك.
 
كلُّ منا يَطَالُ ظلٌّ منهُ جسدَ الآخر والآخرين، وبعض الناس تدهِشُكَ وتُذهِلُكَ بما تفعل، كما قد تفعلُ أنتَ كذلك.
 
أكتُبُ لِدهشةٍ غمرتني، حين قرأتُ في جريدةٍ عن أسرةٍ أسمت ابنتها حديثةَ الولادة (كاوست) تيمُّنًا باسم جامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعد وفاته!
 
قفز في مُخيِّلتي صوتُ أمٍّ تُنادي:
كاوست، تعالي يا ماما!
 
فلنترك (كاوست) قليلًا..
 
إنَّ إحضارَ إنسانٍ إلى الوجود ليسَ بالأمر الهيّنِ، ولا هو متعةٌ مَحضةٌ وشرفٌ وزينة..
إنَّها مسؤوليَّةٌ عظيمةٌ، وفي حَدِّ ذاتها هي قضيَّةٌ لا بد أن تسعى لتفُوزَ بها، وأن تكونَ مُحاميها، وحِلفَ الدفاعِ لها، وقاضيها، وهو واجبٌ لا بُدَّ لك من تأديته على أكملِ وجه.
ثُمَّ إنَّ هذا الإنسانَ ليسَ شيئًا نملِكُه، ولكِنَّه وُجُودٌ يستقِلُّ بذاته شيئًا فشيئًا، فهو حرٌّ مِلْكُ نفسِه، وكلُّ ما من أمرنا عليه، هو بعدٌ يؤثِّرُ فيه!
 
هذا الإنسانُ ليس (بيكب أبو جلستين) نُطلقُ عليه (أم الحناين)!
 
يجبُ علينا أن نوفِّرَ للإنسان حياةَ مُؤاتية، ليسَ بالضرورةِ أن تكونَ البيئة الخارجيّة أيضًا مُؤاتية، فهي خارجَ حُدُودِ السيطرة، ولكن بالإمكانِ خلق منزلٍ مناسبٍ لسلامةِ نفسِ هذا الإنسان الجديد، واختيار اسمٍ يتوافقُ والبيئةُ المُحيطة والعرفُ السّائد. يمكنُ لنا أن نشذَّ قليلًا، ولكن ليسَ كثيرًا..
ليس (كاوست)!
 
حينَ نعقِدُ العزمَ على إنجابِ طفلٍ، فإنَّ من الضرُوري أن ندركَ حقيقة كونه حياة جديدة أصبحَت بيننا، ولا بُدَّ أن نصنعَ الفُرصَ المُناسبةَ حتى تبقى وتستمرَّ سويَّة سليمة.
 
لا يمكنُ أن أجعلَ من شخصٍ أحبُّه عتبةً أرتقيها لأرقى..
صحيحٌ إنَّنا نستفيدُ من بعضنا البعض وبِسُبُلٍ قد لا ندركُها، وعلى سبيل المثال:
جزءٌ كبير من الاطمئنانُ ينبعُ من دواخلنا، ولمَن حولنا أثرٌ في ذلك أيضًا، فلا يمكنُ أن أعيشَ دونَ أشخاصٍ أحبُّهم، ولا يمكنُ أن أهنأَ وهُم ليسُوا بخير، فقد أقُولُ لإنسانٍ أحبُّه: أرجُوك أرجوك كُن بخير، ليسَ من أجلِك، بل من أجلي أنا، فأنا أحبُّكَ وأريدُ لك أن تكون بخير، لأنَّ هذا أمرٌ يغذيني ذاتيَّاً ويجعلني في غبطة.
 
ومَن يدري فقد أقولُ أنا حديثي هذا وأفعلُ ما يناقضُهُ غدًا، فأنا شغُوفةٌ بالفضاءِ حدَّ التصوُّفِ والإنشاد، وقد أجهلُ فوقَ جهلِ الجاهلينَ وأسمي طفلتي - ناسا - تقرُّبًا إلى وكالةِ ناسا الأمريكية زُلفى؛ كي يأخذُوني معهم في رحلةٍ سياحيَّة إلى الفضاء!
 
 
31 يناير 2015

No comments:

Post a Comment