Friday, January 9, 2015

لنكن.. طوفان التغيير القادم // إيمان الحبيشي

 
 
صار كثيرون يعتقدون أنّ ضبط النّفس ضعف، وأنّ ردّ الإساءة بالحسنة حماقة، فجأة صارت سمة السماحة والطيبة وعدم رد السوء بالسوء عارًا، رتقًا يحاول الكثيرون خياطته، فالطيبة لغة الضعفاء، وعدم رد الإعتداء جهل بالدين، والالتزام بتوجيه الأحاديث نحو التسامح والتبسّط والعفو، مثالية زائفة من ضعيف غير متمكن!!
 
ابتُلينا نحن أتباع مدرسة الإمام جعفر الصادق عليه السلام، بخصوم غلاظ بذيئي الأخلاق واللسان، لم يتورعوا عن قتل الأنفس وسحق الكرامات وحجز الحريات، منذ أن برز المذهب الإثني عشري، بل قبل ذلك بكثير، يقول الإمام الصادق (ع): (نحن صبّرٌ، وشيعتنا والله أصبر منا، لأنّا صبرنا على ما علمنا وصبروا على ما لم يعلموا).
 
يبدو أن سمة حياة أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام، الاضطهاد والملاحقة والتهميش، وهو أمر بارز بشكل جلي على عموم تاريخ مذهب التشيع في العالم. وربما تكون الجمهورية الإسلامية الاستثناء الذي لو بحثنا بين تفاصيل قيامه ونهوضه واستمراره، لوجدنا أيضًا فصول اضطهاد. وقد يكون هذا التاريخ هو أحد أسباب توجّه البعض من أتباع مذهب أهل البيت (ع) باتجّاه مبدأ السن بالسن، وهو توجه بلا شك له أسبابه المنطقية، لكن لا يعني ذلك أن نخجل من إرثنا كفئة مضّطهدة، كما لا يعني أن ننزع لباس السماحة والوقار والقيم الإنسانية العالية، لنلبس رداء البذاءة والتوحش، الذي يرتديه خصوم المذهب، سيما حين يكون ذلك في تعاملنا مع بعضنا البعض، وإن اختلفت آراؤنا وتوجهاتنا وأساليب حياتنا. وعلى الطرف الآخر، صار لزامًا علينا أن نُوجّد معادلة قوة تمنع استمرار اضطهادنا وتهميشنا وتوقف سيل دمائنا.
 
في البحرين مثلًا، نعرف الجهة التي تحارب وجودنا، وندرك الأهداف جيدًا، وصرنا نعرف يقينًا الأدوات التي تستخدمها في سبيل إقصائنا، ودون خوض في تفاصيل نعرفها جميعًا، ألم يحن الوقت لنعمل تمامًا في الاتجاه المقابل لتلك الأهداف؟ مثلًا يعاني أبنائنا من مرض وراثي عضال (السكلر)، لا زال يُطبق على الأرواح، فيسلبنا كل يوم روح جميلة نعيش تحت وقع فراقها، وبدلًا من أن نُوجد معادلة قوة تنتصر على هذا المرض، وتقف ضد أدوات الإهمال الرسمية، تقف بعض الجهات لتولوّل بعدد الوفيات، وتطالب بعدد أسّرة أكثر!
 
ثم ماذا؟ ماذا بعد زيادة عدد الأسّرة دون وجود علاج حقيقي صارم (علاجي ووقائي وتثقيفي) يُوقف توالد هذا المرض؟ لماذا يجب أن ننتظر العطايا من جهة نعرف أنها لا تريد حقن دمائنا فضلًا عن إيقاف نزف لم تتسبب به؟! لماذا لا نبدأ بمشاريع أهلية تعالج العديد من القضايا التي نعانيها كهذه المعضلة عبر تكاتف الجهود بين التجار ورجال الدين والقوة البشرية والفكرية التي نمتلكها؟ فنبذل الجهود لبناء مركز لرعاية مرضى السكلر، ونخلق مشاريع لحسر معدلات البطالة، ونقفز على سلب أبنائنا حقهم في البعثات الدراسية، فنكون مع تقدم الأيام والأعوام، قوة بشرية واجتماعية واقتصادية وسياسية، لا يستهان بها، ولا يسهل ضربها، ولا يتمكن أحد من قلب واقع نعيشه ليكون مناسبًا لمصلحته فحسب!
 
لنبدأ بمشاريع صغيرة، أساسها الشعور بالمسؤولية تجاه النفس والمجتمع والدين، قوامها حب مصلحة الجمع لا الفرد، هيكلها احترام الهدف الأسمى وتذويب كل المعوقات التي تقف في طريق تحقيقه، والنظرة من خلاله تكون للأجيال القادمة، لعلهم يقولون كان جيلًا عاملًا أسس لنهضة مباركة ويجب أن تستمر.
 
 
10 يناير 2015

No comments:

Post a Comment