Friday, January 23, 2015

مَن يصنعنا؟ // أم علي

 
 
الأطفال يتعلمون الصدق والأمانة شيئًا فشيئًا إذا كان المحيطون بهم يراعون الصدق في أقوالهم. إذا نشأ الطفل في بيئة تتصف بالخداع فأغلب الظن أنه سيتعلم نفس الاتجاهات السلوكية في مواجهة الحياة وتحقيق أهدافه. إتقان الكذب وامتهانه ضرر للنفس، قال عز وجل (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (عليكم بالصدق فان الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدِّيقًا).
 
خلقنا كي نرصد المحيطين بنا، ننظر للأجساد وتضاريسها ودواخلها، نبحث عن الخوافي وبواطن الأسرار، تلك هي سنة الحياة.. نحن مسئولون عن تصرفاتنا فإن كنا واضحين مع ذواتنا أولًا ثم مع المحيطين بنا، تكن حياتنا هانئة لا يشوبها أي زيف. أن تكذب على نفسك، أن ترسم لنفسك خيالات لا نهاية لها تلك مصيبة عظمى. لا تكن في ذهن غيرك عدوًا لا أمان منه ولا أمل في العيش بالاستقرار بجانبه.
 
احذر من عري عيوبك، حينها ستشعر حتمًا بأن حقيقتك المرة ستصيبك في مقتل. النفس بطبعها لا تطيق الضغائن والمكائد. كذبك على نفسك مدعاة لسيطرة الكذب عليك. كن صادقًا مع نفسك يكن الصدق سلوكًا وغاية في حياتك. التبدل والتشكل في الأفكار والغايات دليل عدم ثبات. الهروب من مصارحة النفس بحقيقتها برهان جهالة. صورتك المشوهة في أذهان الآخرين لا بد أن تكون إشارة لتصحيح المسار، للذهاب إلى الحقيقة ولو للحظات معدودة.
 
ليس للكمال علاقة بطبيعتنا البشرية، كل فرد منا خليط من الحسنات والسيئات. أنت كتلة من الأخطاء والمزايا يجتمع فيك الخير والشر. بداخلك صراع بين اتباع الهوى وتتبع البصيرية. الحقائق هي الأبقى والأصلح. اللهث خلف التصنع لا يفيدك بشيء. كن أنت كما تكن. عليك بالوضوح مع ذاتك أولًا حتى تكون صورتك حلوة الطعم والمشهد في عين غيرك. اصنع لذاتك عالمًا جميلًا تنعم فيه براحة النفس والطمأنينة. احمل الصدق لغيرك تكن الحياة واضحة أمامك. غموض ذاتك لغيرك معضلة هوجاء لا بد من تجاوزها قبل فوات الأوان.
 
الكاذبون سماتهم معروفة وهم بيننا أينما توجهنا، وقد وجد العلماء أن هناك تغيرات تحدث للصوت أثناء الكذب إذ صمموا برنامجَ كمبيوتر لتحليل الترددات الصوتية ولاحظوا بأن الإنسان بمجرد أن يبدأ بالكذب فإن انحناءً بسيطًا يحدث في المنحنى البياني الخاص بصوته، وهذا ما أخبر الله به حبيبه محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم عن أولئك المنافقين الذي يقولون عكس ما في قلوبهم: (وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ).
 
قرر أيهما تكون أنت.. أتريد أن تكون شخصًا منبوذًا يحلو للآخرين إبقاءه في الصف الأخير، أم أن تصل للأمام وتكون في لب قلوب من يحيط بك. واجه حقيقتك التي لا بد أن تصل إليها وتعرف بالضبط أي شخص أنت؟.
 
خارج الحدود
• الصديق مفردة وثيقة الصلة بالصدق أليس كذلك؟ أي نوع من الأصدقاء نتعايش معهم في زمن أصبح فيه الزيف السمة الأولى لكل شيء.
 
• من لا يراعي الآخرين لا يستحق الحياة ولا يمكن أن يجد من يقدم له التقدير كما يستحق.
 
• لا تنظر للآخرين من برج عاج.. العلو مهانة للنفس.. الكبر بوابة للضلال.. تصغير الأشياء يخفي حقيقتها عن عينك.
 
• تفاءل.. التشاؤم لا يسرك.. ابتسم حتى وإن كانت الدنيا في عينك عابسة المعالم.. اياك والعيش في ضيق النفس والكدر فهما أول الطريق لعالم الجنون.
 
 
24 يناير 2015

No comments:

Post a Comment