Friday, January 30, 2015

من منا يمتلك نفسًا سليمةً؟! // أم حسين

 
 
تتفاوت درجات القلق والمشاعر السلبيَّة، وعدم الراحة والاستقرار بين حين وآخر، وقد تتسبَّب ظروفٌ معيَّنةٌ بقلق كبير في النفس، فتتساءل:
 
تُرى، ما الذي يحدث؟!
تُرى، ما هي الأسباب؟!
كيف لي أن أتخلَّص من هذا المشاعر المؤلمة؟!
هل أنا السبب أم الآخرون أم الظروف وضغط الحياة؟!
 
أتأمل النفسَ البشريَّةَ فأراها عميقةً جِدًّا، وكُلَّما حاول الإنسانُ إصلاحَ جانبٍ فيها، فإنَّه يراه متشعِّبًا في جذور كثيرة متشابكة ومنتَّشرة في دهاليز النفس، كلُّ جذر يُداخل آخر أكثر امتدادًا وتشعُّبًا.
 
ولذلك فإنَّ الحصول على نفس مستقرة أمرٌ في غاية الصعوبة؛ وما يجعل الأمر كذلك، أطراف المعادلة:
 
النفس..
الآخرون..
واقع الأحداث..
 
كيف نوازن بينها؟!
* من منا يمتلك نفسًا سليمة!!؟
 
كُلُّ نفس مريضة بعلَّة ما، قد تكون بسيطةً، وقد تكون مستعصيةً، ومهما تكن، تبقى مؤثرة على مستويين، أحدهما مرتبط بالآخر..
 
التعامل مع الناس والذي بدوره يؤثر في علاقة القرب من الله.
 
- الاعتراف بوجود مشكلة هو الخطوة الأولى:
البعض يعتبر اعترافَه ضعفًا، وآخر لا يستطيع مواجهة الخلل الذي يعانيه فيهرب من ذلك بإلقاء اللوم على الآخرين.
 
والسَبب في ذلك هو إنَّ النفس غالية على صاحبها، فهو علَّمها وربَّاها، وما زال كذلك على الأقل من وجهة نظره، ويحاول جاهدًا أن يُصلحها، ومن الطبيعي أن يتألم عندما توجه لها انتقادات وإن كانت بلسان حسن، فباطنها يقول:
 
(على الرغم مما فعلته لأجل نفسك فما زلت تعاني نقصًا)
 
وهذا تقليل من شأن النفس وهي المتطلِّعة بالفطرة إلى الأفضل.. ويكون النقد أكثر ألمًا إذا كان ممن تُحب، فهي تتمنى أقصى درجات الكمال أمام القريبين منها.
 
ولذلك كانت قمَّة القوة أن تواجه نفسك بعيوبها، وقمَّة الشجاعة الاعتراف بسلوكياتك الخاطئة النابعة من ذلك الخلل، وإن أردنا العلاج فعلينا معرفة الدوافع التي أدت لولادة المشكلة، وغالِبًا ستكون نتاج تربية اختلَّ ميزان اعتدالها.
 
جانبان مهمَّان لمعرفة الأسباب:
 
الأول: معرفة طريقة العلاج كما أسلفنا.
الثاني: محاولة تجنُّب إعادة المشكلة ذاتها مع أبنائك.
 
اكتشفنا المشكلة وعرفنا أسبابها ودوافعها، وطرق علاجها فما هي الخطوة التالية؟
 
* خطوة العلاج:
أعتقد بأنَّ الإنسان يعيش فترة علاج دائمة، وللتذكير أُعِيد السؤال:
 
* من مِنَّا يمتلك نفسًا سليمة؟!
 
كما وإنَّ الإنسان وجِد على هذه الأرض في رحلة السير إلى الله سبحانه وتعالى، إذًا، فمن يُقدِّرُ نفسه ويرى إصلاحها المنطلق لله سبحانه وتعالى فهو يعيش مرحلة علاجية إصلاحية مستمرة.
 
تتدخل عوامل وتعيق التَّقدُّم في هذه المرحلة، وألخِّصُها في الواقع الذي نعيشه أولًا، والتعامل مع الآخرين ثانيًا.
 
فالإنسان يرتبط بالعالم الخارجي على عدَّة مستويات، فالأهل هم الدائرة الأولى، ثُمَّ الأصدقاء والمعارف، فالزملاء في العمل وهكذا..
 
تؤثِّر جميع المستويات على فترة العلاج بطريقة وأخرى، وكُلَّما كان الشخص قريبًا من دائرة نفسك كُلَّما كان تأثيره عليها وبالتالي على كُلِّ حياتك أقوى.
 
ولاختلاف الأنفس تنشأ المشاكل، فالمشكلة يستحيل أن تكون بسبب فرد واحد ولكِنَّها تختلف في مسبِّباتها، ويشترك الآخر فيها بعدم معرفة التعامل بالطريقة الأنسب، ولا يمكن تحديد مُسَبِّبَ المشكلة، فهو نفسي ويختلف المقياس من شخص لآخر، فما أراه أنا سببًا، قد لا يراه الآخر كذلك.. وهكذا.
 
أضف إلى ذلك، إنَّ تلك الحالة قد يعيشها الإنسان مع فئات عدَّة تختلف في تفاوتها، قد تكون أكثر من مشكلة بين أكثر من شخص فلك أن تتخيل الحالة النفسية لذلك الإنسان.
 
فلا بُدَّ من وجود حَلٍّ، فإمَّا أن:
 
1- تبتعد وترحل، ولكن تذكَّر إنَّك ستواجه غيره، فأنتَّ لن تستطيع العيش وحيدًا في هذا العالم.
 
2- تستمر حتَّى تتغير أنت، وهذا يحتاج إلى وقت، وخلاله عليك أن تتحمَّل الألم والقلق، وتأثيراتهما السلبيَّة على حياتك، كما إنَّه من المحتمل أن تطول فترة العلاج، وخصوصًا مع وجود من يستغلُّ نقاط ضعفك ضدك.
 
3- تصارحهم بما في نفسك، فقد تجدهم متفهِّمين.
 
4- تحديد أطر العلاقة وجعلها رسمية، ولكنَّك ستكون من جهة أخرى مقصر.
 
وتذكر قارئي العزيز بأنَّنا نتناوب في الأدوار، فكن كما تتمنى أن يكون معك الآخر، وتذكَّر إنَّ الآخر يحاول جاهدًا أن يكون في أفضل صورة له كما أنت، ألا يكفي ذلك لأن نسامح ونغفر؟
 
فاختر ما شئت.. شريطة أن يستمر تقديرك لنفسك بإصلاحها لتتقدم في رحلة المسير لله جل وعلا.
 
 
31 يناير 2015

No comments:

Post a Comment