Saturday, May 31, 2014

لقاء مع شريط الذكريات // ز.كاظم


 
 
 
 
 
 
 
 
زارنا في الأمس زميل سابق لنا في العمل.. كانت وظيفته السابقة مسؤول السلامة.. وهو شاب في عمري وقد عملنا مع بعض لسبع سنوات تقريباً.. اتفقنا أن نلتقي على وجبة الغداء مع بعض الزملاء (كنا أربعة أشخاص، ومن المفترض أن يكون العدد أكثر من ذلك لولا انشغال البعض ببعض الأمور الطارئة).. كان اللقاء جميلاً جداً، حيث تمكنّا من قضاء وقت ممتع في تناول أطراف الحديث عن عمله الجديد، والتغييرات التي حدثت في  شركتنا بعد انتقاله لوظيفته الجديدة.. هناك عدة ملاحظات سجلتها من خلال اللقاء:

الملاحظة الأولى:
مرت تقريباً سنة كاملة على انتقاله، ولكننا جميعاً -هو ونحن- لم نتوقع مضي تلك الفترة بهذه السرعة.. سنة كاملة مرت سريعاً وكأنها بعض أيامٍ.. هكذا تمر علينا السنوات ونحن قابعون في دوامة الحياة ولا نلتفت إلا بحدث جديد يذكرنا بأن سنوات مضت علينا وربما لا نزال محلك سر.. بينما صاحبنا قرر أن ينتقل إلى وظيفة جديدة، البعض منا مع أنه غير مرتاح من وظيفته إلا أنه قابع فيها، وربما الخوف من المستقبل يجعله لا يجرؤ أن يبحث عن وظيفة أخرى يستطيع من خلالها أن يتقدم وظيفياً.. وهكذا تمضي الأيام والسنين، ولا يتم الإقدام على تجربة جديدة أو مرحلة جديدة خوفاً من المستقبل.. بينما البعض -القليل- ممن يجرؤ على التغيير بعد أن يقوم بحساباته طبعاً ويتوكل على الله.. ولا يختص ذلك بالوظيفة، بل أي أمر جديد يأمله الإنسان سواء شراء بيت، أو الإقدام على الزواج، أو إكمال دراسته الجامعية.. إلخ..

الملاحظة الثانية:
كان من الواضح أن زميلنا مرتاحٌ جداً في عمله الجديد.. فقد بدى مبتسماً هادئاً تعلو على وجهه الابتسامة وهو يتحدث إلينا ولا يكاد يخفي سروره من هذه الخطوة التي أقدم عليها خصوصاً أنها كانت خطوة ساعدته في أن يرتفع في منصبه الوظيفي.. كما أن مكان العمل بالقرب من محل سكنه، في حين كان يقطع سابقاً قرابة الساعة ليصل إلى عمله.. وقد كان لعدة سنوات -وخصوصاً الأخيرة- غالب التذمر والغضب وذلك راجع لعدم قدرته على أداء دوره الوظيفي بالشكل المطلوب بسبب الإدارة العليا إضافة إلى أمور أخرى لم تساعده على الإبداع في عمله، بل قد أوصدت الأبواب في وجهه وكان السبب الغالب العقلية القديمة التي كانت تدير شركتنا (ولله الحمد تم التخلص منها بعد رحيله بعدة أشهر).. أما في عمله الجديد، فقد استطاع أن يحقق الكثير مما كان يطمح أن يعمله في شركتنا وفي فترة قياسية بسيطة.. وملخص هذه الملاحظة أن إقدامه على هذه الخطوة التغييرية وقدرته على أداء مهمته الوظيفية بشكل مناسب قد انعكس إيجابياً على نفسيته وسلوكه..

الملاحظة الثالثة:
يتمتع بعض الأفراد -وزميلنا أحدهم- بخصلة جميلة وهي التواصل مع الآخرين، بينما الكثيرون يفتقدون هذه الخصلة فترى مشاغل الحياة وتغييراتها تقطع الوصال بينهم.. فلا نلتفت إلا والزمن أبعدنا عن زملاء وأصدقاء كنا نكنّ لهم معزة خاصة.. ارجع الى شريط ذكرياتك أيها القارئ وتأمل كم من الأصدقاء والأخلاء والزملاء مروا عليك في حياتك وقد أبعدتك الحياة عنهم.. ثم حاول أن ترجع التواصل معهم، فستشعر بحالة نفسية رائعة تمتلكك وأنت تقوم بعملية التواصل هذه.. والتواصل ليس مقتصراً فقط على الأصدقاء، بل حتى الأهل والأحباب.. ربما كل ما تحتاجه هو رفع سماعة الهاتف أو كتابة عدة أسطر على الإيميل لتعيد صلة الترابط والتواصل التي انقطعت..

وأخيراً، من الجميل جداً أن نتوقف لبرهة ونتأمل في دوامة الحياة المتسارعة الأحداث والمستهلكة للطاقات.. فهذه اللحظات هامة جداً في تعديل بوصلة حياتنا تفكيراً وتأملاً وإعطاء نفسياتنا شحنات من النشاط والحيوية..

1 يونيه 2014

No comments:

Post a Comment