Friday, May 9, 2014

نحن وقيم علي

منذ أن خلق الله البشر والقيم الإنسانية واللا إنسانية في صراع دائم لم ينقطع أبدا، فالعدل والحق يقابلهما الظلم والباطل، والوفاء والإخلاص يواجههما الغدر والخيانة، والصدق يضدّه الكذب، وهكذا كل خير يعاده شر وكل قيمة إنسانية تقف على النقيض منها قيمة لا إنسانية.

توالت العصور والأزمنة والمراحل على هذا النسق، إلا أن عصر علي -عليه السلام- يشكل المرحلة الأبرز من هذا الصراع ومن وجهة نظري إن بعض الأسباب تعود إلى:

أولا: ما تمتلكه شخصية علي -عليه السلام- من موقع ومكانة لا تُمحى من عقل ووجدان الضمير الإنساني. ومهما حاول أعداؤها -أعداء شخصية علي- تشويه صورتها وطمسها تبقى ناصعة نقية، تكتسب شرفها ورفعتها من موقف وسلوك وممارسة وواقع ذي أثر ملموس ظاهر وبيّن.

وثانيا: نتيجة للظروف الإجتماعية والسياسية المتقلبة والمتغيرة والحروب المتعاقبة التي عاشها الأمير -عليه السلام. فمن غصب الخلافة إلى الخلافة، ومن الجمل إلى صفين وإلى النهروان.. وحتى شهادته في المحراب، كلها مراحل تجلّت وبرزت فيها أسمى وأعلى معاني ومضامين القيم من جانب علي -عليه السلام- كما ظهرت وبانت أدنى وأخبث معاني ومضامين اللا إنسانية من أعداءه وخصومه ليبقى الصراع القيمي يشتد احتداما يوما بعد يوم.

ومن الطبيعي أن يستمر هذا الصراع -القيمي- إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، إلا أنه من غير الطبيعي أن يدخل هذا الصراع في مجتمع جعل من علي نبراسا يضيء طريقه ويهتدي به، ومن غير المعقول ولا المتصور أن جماعة تربط كل حاضرها وماضيها ومستقبلها بشخصيةٍ، تذبح سجاياها وتسفك دم قيمها وتُعلقها على المشانق كل يوم.

فواقع مجتمعاتنا اليوم ينبئ بخطر قيمي يحدق بنا من كل جانب، وينذر بتحلل أخلاقي كبير، حيث باتت المنظومة القيمية -منظومة علي- التي يتحرك المجتمع من خلالها مختلة المفاهيم.

ففي السياسة مثلا: جعلنا اختلاف الرؤى والمنهج خلافا عقيما يصل للتعدي على الخصوصيات والإعتداء على الشرف والسمعة.

واجتماعيا كذلك: لا يختلف الوضع كثيراً فهو ليس بأفضل حال من غيره. بل إن الأمر قد تجاوز الحد ليصل هذا الصراع حتى للمؤسسات الدينية المرتبطة بأهل البيت عليهم السلام، فلا تكاد تخلو مؤسسات قرية أو مدينة من هذا الصراع.

يبدو لي بأن اختلال المفاهيم القيمية راجعٌ لعدة أمور أتطرق فقط إلى التالي:

أولا: عدم وضوح واختلال مفاهيم التربية، فلا يحسن الأبوان كيفية التصرف مع أولادهم فتراهم يعاملونهم معاملة غير سليمة، كأن يتم أمرهم بالصدق وهما يكذبان أمامه، أو عوضا عن تعليمه يقومان بتقريعه، أو يتصرفان تصرفات غير لائقة أمامه ويجبرانه على حسن التصرف. وقد يشمل ذلك حتى الآباء الذين يدفعون بأبنائهم إلى الأنشطة الدينية ليس من أجل التعلم والتدين بل من أجل التخلص منهم لساعات. فماذا ستكون النتائج إذا كانت مشاركة الطفل في الأنشطة الدينية بهذه الكيفية؟!

ثانيا: لعدم اهتمامنا بالتربية أساسا وتكبلنا عناء مشقتها. فأبناء اليوم يقودهم القدر -إن صح التعبير-، يخرجون للمجتمع فإن صادقوا صالحين فالحمد لله، وإن صادقوا طالحين فإنا لله.

أن نحب علي لا يعني أن نتغنى به أشعارا وأناشيدا، أو أن نذكره في محافلنا واحتفالاتنا.. أن نحب علي معناه أن نقتفي آثاره ونسير على هديه.. أن يكون سلوكنا سلوك علي على جميع الأصعدة. تربويا، اجتماعيا، أخلاقيا.. الخ.

فهل نرجع لقيم علي الذي نهى أصحابه عن التخلي عنها فضلا عن أن يتركها هو للحظة ولو في أشد الظروف وأحلكها؟!.

شيعة علي -عليه السلام- أولى بعلي، وعلى عاتقهم تقع مسئولية إحياء منظومته القيمية.

إكسير المحبة
9 مايو 2014

No comments:

Post a Comment