Friday, May 9, 2014

واصل السير .. إياك أن تتوقف

مَنْ مِنَّا كان النجاحُ حليفَهُ على مدى سني حياته؟

مَنْ مِنَّا لم يتجرع مرارة الفشل والخذلان وقسوة الحياة؟

مَنْ مِنَّا عاش كُلَّ أيامه موفقًا سعيدًا كلَّما ابتغى أمنية تحققت؟

أكادُ أجزم أن لا أحد مِنَّا يعيش حياةً سعيدةً كاملةً ميسرةً بكلِّ ما تحوي كلمة التيسير من معنى، لكني أيضًا أكاد أجزم أن الكثيرين يعتقدون أن فلانَ الذي عرفوه يعيش حياته اليسيرة مُنَعَّمًا لم يعرف الوجع ولا السعي ولا البذل ولا الخذلان ولا الفشل..

حسنا..
نسبيًا، قد يكون لهذه الفئة وجود..
هناك أفراد أنعم الله عليهم بنعمة الصحة والذكاء والمال والبنون والرزق وكثير مما يهب الله عباده، ولربما كان هؤلاء من أكثر الناس تَرَشُّحًا للنجاح وللمساهمة الايجابية في بناء المجتمع، ولكن ببذل بذلوه ومشقة تجرعوها وغرس غرسوه حتى أينع ثم وقع نظرنا على الحصاد..

كذلك فإن بعضًا مِنْ هذه الفئة التي أنعم الله عليها بهباته فظنناهم سعداء بما وُهبوا، لو فتشت بين جنبات أرواحهم لوجدتهم متعبين منهكين حزانى لطالما سلبهم التفكير حلو نومهم، كرجل وهبه الله العلم والتدين والذكاء والصحة والزوجة الصالحة والذرية السليمة، لكنه ابتلى نفسه بالوسواس فكانت الطهارة شغله الشاغل حتى أنهكت جسده وروحه وباعدته عن زوجه وعياله وعزلته عن مجتمعه حتى اقترت عليه رزقه!!

وكزوجة وهبها الله رجلًا معطاءًا صبورًا محبًّا مجدًّا، فأحاطته بسلطان تحكُّمها وشكها، وضربت حوله سورًا من الأوامر والنواهي، وترقب كل شاردة وواردة تطرف بها عيناه حتى انتفض من قفصها ضائعًا هاربًا يبحث له عن شئ من هواء يشهقه، مغمض العينين يزفره مرتاح البال!!

نعم، هناك من وهبهم اللهُ كلَّ أسباب السعادة والتوفيق، إلا أن تركيبتهم النفسية أو تربيتهم الاجتماعية قذفتهم بملئ إرادتهم -طبعًا- في زاوية صغيرة من زوايا حياتهم فانزووا فيها حتى نسوا أن في حياتهم متَّسعًا آخر للأمل والتقدم والهناء..

ماذا يعني أن يُقتر عليك رزقك هُنيئة؟

ماذا يعني أن تواجه صعوبة ما في دراستك؟

ماذا يعني أن تعيش اختلافًا مع شريك حياتك؟

ماذا يعني أن يغادرك عزيزٌ مختارًا أو مجبورًا؟

ماذا يعني أن ترسم خطةً ما لتكتشف بعد حين أنها ليست صالحة للتنفيذ؟!

لماذا يجيد بعض البشر التعثر والوقوف والعيش بشعور المتألم دائمًا.. المغبون دائمًا.. الفاشل دائمًا.. المسكين دائما؟

لماذا يعشق بعضنا الاستغراق في جوانب الضعف من حياته مبطلًا مفعول جوانب القوة لديه؟

أتفهم جدًّا مواضع الألم في الحياة..

أعرف معنى أن تعيش الفشل والخذلان..

أدرك جيِّدًا -كما تدركون جميعًا- معنى السقوط وتبدد الأحلام، إلا أن التوقف لا يعني أن الأمور ستحل من تلقاء نفسها، فإن تعسرت دراستك فالمطلوب أن تبذل المزيد من الجهد، وإن عشت اختلافًا مع شريك حياتك فالمطلوب أن تحاول ايجاد صيغة اتفاق أو توافق أو على أقل تقدير أن تمنعه من التحول لخلاف، وإن فشلت فلا زال في الحياة متسعٌ من معاش.. قد نستسلم يومًا لشكونا.. لغرورنا.. لهوسنا.. لترفنا. لجشعنا..

ليست تلك المشكلة الحقيقية بل هي في أن نستسيغ استسلامنا ونطالب الكون، كل الكون، بالتأقلم مع خلل دواخلنا على أن لن نبذل شيئا من جهد لنعيد مؤشرات شخصيتنا لوضعها الطبيعي.

كل القصة هي: كيف نوظف مشقة الحياة لتكون وقودًا يحترق ليقذفنا خطوات للأمام.

إيمان الحبيشي
4 مايو 2014

No comments:

Post a Comment