Saturday, May 24, 2014

أيتام.. على موائد اللئام

اليتيم.. كتلة من الأحاسيس.. كل جزء منه يشكو الحسرة، نظراته بؤس، وقسمات وجهه تحكي حزنه وألمه، فنهاره وحدة، وليله وحشة، يحس بأن الناس تلحظه عند كل حركة وسكنة، منتهى آماله أن يحظى منك ببسمة، وجلّ سعادته أن تنظر له بعين الرحمة، يتفطر قلبك ألما ويتصدع فرقاً عندما تراه كسير الجناح ينزف القهر بغزارة.. تلك هي صورة اليتيم .

أما اللئيم.. فمزبلة كل خلق ذميم، ينظر إليك بشؤم ويعاملك بكل لؤم، يحسب كل صيحة عليه، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، لو أكرمته، سيجازيك بالوقاحة والتمرد، فأنت بإكرامك له كمن يصنع المعروف في غير أهله.. تلك هي صورة اللئيم.

صورتان.. تماماً على النقيض، والآن اسمح لي أيها القارئ العزيز، أن أجمع لك بين الصورتين عندما يحضر اليتيم مائدة اللئيم، تخيله يمشي على استحياء، رأسه مطأطأ وأرجله تتثاقل الخطوة مهيض الجناح مكسور الخاطر، يرقب كل حركة وينتظر أدنى لفتة من ذلك اللئيم لكي يجلسه بجنبه، أو يتفضل عليه ليشاركه أكله!!
لكن هيهات، لن يفعلها من كان طبعه طبع الضبعة وسيظل ذلك اليتيم، واقفاً عند الباب بجانب الأحذية، فاللئيم على المائدة وأما اليتيم فيعدُّ الأيدي كم مرة التقمت ما في تلك الصحفة بعد أن يملأ اللئيم جوفه، يتكرم على اليتيم بلحظة، من فوق كتفه، ويرمي لليتيم ما سقط على السفره، كم هو لئيم ذلك اللئيم!!

اليتيم.. لا حول له ولا وقوة، قدره هكذا، ومصيره ريثما، ولا عجب.. لكن العجب كل العجب ممن يرضى أن ييتم نفسه، ويبيع ضميره ومروءته ويحيط بالحبل حول عنقه ثم يعطيه للئيم لكي يجره.

في هذا الزمن الأغبر، بتخليص معاملة، أو السعي في تسهيل حاجة من حوائج الدنيا، وقد يصل الأمر أن يبيع المرء دينه وضميره، يستغل البعض حاجة الناس وضعفهم، من أجل ماذا، من أجل أن يصوت له يوم الملحمة الكبرى، وبعد أن ينجح ذلك اللئيم، يتهافت المساكين الأيتام، ويقفون بالطوابير على أبواب اللئام، لكي يباركوا للئيم فوزه.. طبعاً.. (أبو طبيع) لن يترك طبعه، وبنظرة كلها شؤم.. يختزل ردّه عليهم بكل ما أوتي من لؤم، قائلاً: فليأتي الذي بعده.

ولك أن تتخيل معي أيضًا، أيها القارئ العزيز عندما يأتي هذا المسكين اليتيم في طلب لهذا اللئيم، سيقف عند بابه مثلما وقف ذلك اليتيم الأصلي، ينتظر أدنى لفتة من ذلك اللئيم لكي يوقّع له طلبه، لكن هيهات، لن يفعلها من كان طبعه طبع الضبعة، وسيظل ذلك اليتيم، متردداً عليه المرة تلو المرة، ولكن النتيجة، وبكل حسرة
دون جدوى .

أم علي
24 مايو 2014

No comments:

Post a Comment