Saturday, May 31, 2014

السعادة بين الدين والتمدن // أم حسين

 
 
كريستينان اوناسيس امرأة توفرت لها كل سبل الراحة والرفاهية كونها الوريثة الوحيدة لأبيها الملياردير اليوناني أرسطو صاحب الجزر والأساطير والطائرات والثروة الطائلة.. إلا أنها اختارت أن تنهي حياتها بيدها بعد أن يأست في أن تجد طريقاً للسعادة، فبعد عدة زيجات فاشلة ذهبت لتعيش مع زوجها الأخير في أحد الأحياء الفقيرة ظناً أنها قد تجد السعادة في الفقر، وحينما خاب ظنها هجرته وأصابها حزن مزمن وبعدها بفترة وجيزة وجدت ميتة على أحد شواطئ الأرجنتين أثر تناولها كمية كبيرة من الحبوب المنومة وكانت حينها تبلغ من العمر سبعة وثلاثين عاماً.
 
كريستينان نموذج واحد من نماذج كثيرة تضج بها الدول الغربية حيث كشفت إحصائية أمريكية حديثة نشرتها صحيفة 'يو إس إيه توداي' الأمريكية  في عددها الصادر في التاسع من مارس  2005 – كشفت  عن ازدياد حالات الانتحار في الولايات المتحدة مقارنة بجرائم القتل.
  
وقد أكدت الإحصائية تسجيل 29 ألف حالة انتحار سنوياً بواقع 80 حالة يومياً، ويعني ذلك 3 حالات انتحار مقابل جريمتي قتل، وعزي ذلك إلى زيادة حالات الاكتئاب ومشاعر القلق بالإضافة إلى الأمراض العقلية والنفسية.
 
كما وكتبت إحدى الجرائد الأمريكية في أحد الأعوام أن بلغ المصرف المالي للحبوب المنومة والمهدئة للقلق النفسي والعصبي حوالي مائتي مليون دولار.
 
كل تلك الإحصائيات نتاج لما زرعته المدنية الحديثة في الإنسان الغربي من قناعات خاطئة حول أساسيات السعادة الإنسانية والتي حصرتها في الجوانب المادية.
 
يحصر العالم النفسي فرويد مظاهر الحياة والسعادة بين اللذة والشهوة الجنسية بل ويزيد بأن كل الظواهر الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية ما هي إلا وليدة الحب والجنس. ولأن الدول الغربية تعي تماماً بأن تطورها مربوط بالطاقات البشرية المحترقة لضمان تقدمها فقد ربطت المكانة الاقتصادية بالسعادة الإنسانية من جهة أخرى، فالغربي يعتقد بأنه كلما كانت مكانته الاقتصادية في المجتمع رفيعة كلما كان أسعد ليبقى  يجري طيلة حياته لتحصيل المال ظناً منه بأنه الضامن للسعادة.
 
ومنهم من اعتزل العالم والمال واللذات وجلس في صومعته وترهبن ظناً منه أن الحصول على السعادة يكمن في كبت الغرائز الحيوانية، ليفقد حالة الاتزان الجسدي والنفسي كما حدث للراهب الأمريكي الأخ ستيفن بيكر، 62 عاماً، والذي وجد منتحراً بعد أن قام بالاعتداء جنسياً على طلبته.
 
من كل تلك القناعات والأفكار الخالية تماماً من إحياء الجانب المعنوي والأخلاقي للإنسان وجدت تلك المجتمعات المليئة بحياة الرذيلة والفاحشة المفتقرة إلى الراحة النفسية والسعادة ولو بنسب بسيطة.
 
يتضح لنا بأن الإنسان الغربي عندما يبحث عن السعادة  فهو يبحث عنها من خلال إحياء الجوانب المادية وإهمال الجوانب المعنوية والأخلاقية وإما العكس تماماً.. وبحثه يكون في طريقين منفصلين: إما الروح، وإما الجسد.. ففشل في إيجاد السعادة.
 
يقول رسولنا الكريم (ص):
  • شرار أمتي عزابها
  • إن من سعادة المرء المسلم أن يشبه ولده، والمرأة الجملاء ذات دين، والمركب الهني والسكن الواسع.
  • طلب الحلال فريضة على كل مسلم ومسلمة.
 
يقول الإمام علي (ع): "عنوان صحيفة المؤمن حسن خلقه."
 
إن ديننا الإسلامي الحنيف يبني السعادة الإنسانية باكتمال الجانب المادي والمعنوي للإنسان بإحياء كل الجوانب المعنوية والمادية والجسدية والروحية ويربط أجزائها المعتدلة لتكون معنى السعادة.
 
إلا أننا لسنا سعداء!!!
 
بل قد يكون حالنا أسوء حالاً من الإنسان الغربي، فالمجتمعات الإسلامية تعيش حالة انفصام في الشخصية المجتمعية فهي تدّعي الإسلام ظاهراً وتعيش ثقافة غربية باطناً لتهتز قواعدها المتزنة فتفقد معنى السعادة.
  
 
29 مايو 2014

No comments:

Post a Comment